( فصل ) :
وأما بيان فنقول : لا خلاف أنه إذا بلغ أرش الجناية فيما دون النفس من الأحرار نصف عشر الدية فصاعدا ، وذلك خمسمائة في الذكور ومائتان وخمسون في الإناث تتحمله العاقلة ، واختلف فيما دون ذلك في الرجل والمرأة ، قال أصحابنا - رحمهم الله تعالى : يكون في مال الجاني ولا تتحمله العاقلة وقال الجناية التي تتحملها العاقلة ، والتي لا تتحملها فيما دون النفس - رحمهم الله تعالى : العاقلة تتحمل القليل والكثير ( وجه ) قوله أن التحمل من العاقلة لتفريط منهم في الحفظ والنصرة ، وهذا المعنى لا يوجب الفصل بين القليل والكثير . الشافعي
( ولنا ) أن القياس يأبى التحمل ; لأن الجناية حصلت من غيرهم ، وإنما عرفنا ذلك بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بأرش الجنين على العاقلة وهو الغرة ، وهي نصف عشر الدية فبقي الأمر فيما دون ذلك على أصل القياس ولأن ما دون ذلك ليس له أرش مقدر بنفسه فأشبه ضمان الأموال فلا تتحمله العاقلة كما لا تتحمل ضمان المال ، ولا يلزم على هذا أرش الأنملة فإن لها أرشا [ ص: 323 ] مقدرا ، هو ثلث دية الإصبع فينبغي أن تتحمله العاقلة لأن الأنملة ليس لها أرش مقدر بنفسها بل بالإصبع فكانت جزءا مما له أرش مقدر ، وهو الإصبع فلا تتحمله العاقلة ثم ما كان أرشه نصف عشر الدية إلى ثلث الدية يؤخذ من العاقلة في سنة واحدة استدلالا بكمال الدية فإن كل الدية تؤخذ من العاقلة في ثلاث سنين لإجماع الصحابة رضي الله عنهم على ذلك فإن سيدنا رضي الله عنه قضى بالدية على العاقلة في ثلاث سنين ، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة فيكون إجماعا فكلما كان من الأرش قدر ثلث الدية يؤخذ في سنة واحدة لأن في الدية الكاملة هكذا فإذا ازداد الأرش على ثلث الدية فقدر الثلث يؤخذ في سنة ، والزيادة في سنة أخرى ; لأن الزيادة على الثلث في كل الدية تؤخذ في السنة الثانية فكذلك إذا انفردت فإن زاد على الثلثين فالثلثان في سنتين ، وما زاد على ذلك في السنة قياسا على كل الدية ، والله تعالى أعلم . عمر
( وأما ) فلا تتحمله العاقلة بالإجماع ; لأن ما دون النفس من العبيد له حكم الأموال لما ذكرنا فيما تقدم ، ولهذا لا يجب فيه القصاص ، وضمان المال لا تتحمله العاقلة ، والله سبحانه وتعالى أعلم . ما دون النفس من العبيد