ولو فهو على التفصيل الذي ذكرنا أن الأمر لا يخلو ( إما ) قطع أصبع رجل من مفصل ثم قطع أصبع رجل آخر من مفصلين ثم قطع أصبع آخر كلها ، وذلك كله في أصبع واحدة : فإن جاءوا جميعا يبدأ بقطع المفصل الأعلى لصاحب الأعلى ثم يخير صاحب المفصلين فإن شاء استوفى الأوسط بحقه كله ، ولا شيء له من الأرش ، وإن شاء أخذ ثلثي دية أصبعه من ماله ثم يخير صاحب الأصبع فإن شاء أخذ ما بقي بأصبعه ، وإن شاء أخذ دية أصبعه من مال الذي قطعها ، وإنما كان كذلك لما بينا أن حق كل واحد منهما في مثل ما قطع منه فيجب إيفاء حقوقهم بقدر الإمكان ، وذلك في البداية بما لا يسقط حق بعضهم ، وهو أن يبدأ بقطع المفصل الأعلى لصاحب الأعلى ; لأن البداية لا تبطل حق الباقين في القصاص أصلا لإمكان استيفاء حقيهما مع النقصان ، وفي البداية بالقصاص في الأصبع إبطال حق الباقين أصلا ، ورب رجل يختار القصاص - وإن كان ناقصا - تشفيا للصدر ، وإذا قطع منه المفصل الأعلى لصاحب الأعلى يخير الباقيان ; لأن كل واحد منهما وجد حقه ناقصا لحدوث العيب بالطرف . إن جاءوا جميعا يطلبون القصاص ، وإما إن جاءوا متفرقين
وإن جاءوا متفرقين فإن جاء صاحب الأصبع أولا تقطع له الأصبع لما ذكرنا في المسألة المتقدمة ، فإذا جاء الباقيان بعد ذلك يقضى لهما بالأرش ، لصاحب المفصل الأعلى ثلث دية الأصبع ، ولصاحب المفصلين ثلثا دية الأصبع لما قلنا .
وإن جاء صاحب المفصلين أولا يقطع له المفصلان لما ذكرنا في المسألة المتقدمة ، ويقضى لصاحب المفصل الأعلى بالأرش لما مر ، وصاحب الأصبع بالخيار إن شاء أخذ ما بقي واستوفى حقه ناقصا ، وإن شاء أخذ دية الأصبع لما مر .
وإن جاء صاحب الأعلى أولا فهو كما إذا جاءوا معا ، وقد ذكرنا حكمه ، والله سبحانه وتعالى أعلم .