( ولو قطعت يداه ورجلاه ; لأن استيفاء المثل ممكن . قطع ) من رجل يديه أو رجليه
ولو قطع من رجل يمينه ، ومن آخر يساره قطعت يمينه لصاحب اليمين ، ويساره لصاحب اليسار ; لأن تحقيق المماثلة فيه ، وأنه ممكن ( فإن قيل ) القاطع ما أبطل عليهما منفعة الجنسين فكيف تبطل عليه منفعة الجنس ؟ فالجواب أن كل واحد منهما ما استحق عليه إلا قطع يد واحدة ، وليس في قطع يد واحدة تفويت منفعة الجنس فكان الجزاء مثل الجناية إلا أن فوات منفعة الجنس عند اجتماع الفعلين حصل ضرورة غير مضاف إليهما .
ولو أو يدا باليد ثم يقطع الأصبع ، وذلك كله في يد واحدة في اليمين أو في اليسار فلا يخلو ( إما ) أن جاءا جميعا يطلبان القصاص ، وإما إن جاءا متفرقين فإن جاءا جميعا يبدأ بالقصاص في الأصبع فتقطع الأصبع بالأصبع ثم يخير صاحب اليد فإن شاء قطع ما بقي ، وإن شاء أخذ دية يده من مال القاطع ; لأن حق كل واحد منهما في مثل ما قطع منه فحق صاحب اليد في قطع اليد ، وحق صاحب الأصبع في قطع الأصبع فيجب إيفاء حق كل واحد منهما بقدر الإمكان ، وذلك في البداية بالقصاص في الأصبع ، لأنا لو بدأنا بالقصاص في اليد لبطل حق صاحب الأصبع في القصاص أصلا ورأسا ، ولو بدأنا بالقصاص في الأصبع لم يبطل حق الآخر في القصاص أصلا ورأسا ، لأنه يتمكن من استيفائه مع النقصان فكانت البداية بالأصبع أولى ، وإنما خير صاحب اليد بعد قطع الأصبع ; لأن الكف صارت معيبة بقطع الأصبع فوجد حقه ناقصا فيثبت له الخيار كالأشل إذا قطع يد الصحيح . قطع أصبع رجل كلها من المفصل ثم قطع يد آخر
وإن جاءا متفرقين فإن جاء صاحب اليد - وصاحب الأصبع غائب - تقطع اليد لصاحب اليد ; لأن حق صاحب اليد ثابت في اليد فلا يجوز منعه من استيفاء حقه لحق غائب يحتمل أن يحضر ويطالب ويحتمل [ ص: 301 ] أن لا يحضر ، ولا يطالب فإن جاء صاحب الأصبع بعد ذلك أخذ الأرش لتعذر استيفاء حقه عليه بعد ثبوته فيأخذ بدله ولأن القاطع قضى بطرفه حقا مستحقا عليه فصار كأنه قائم ، وتعذر الاستيفاء لمانع فيلزمه الأرش ، وإن جاء صاحب الأصبع ، وصاحب اليد غائب تقطع الأصبع لصاحب الأصبع لما ذكرنا في صاحب اليد ثم إذا جاء صاحب اليد بعد ذلك أخذ الأرش لما قلنا .