وإذا فالقسامة والدية على عاقلته لورثته في قول وجد رجل قتيلا في دار نفسه رضي الله عنه وفي قولهما - رحمهما الله - لا شيء فيه ، وهو قول أبي حنيفة زفر - رحمهم الله - وروي عن والحسن بن زياد - رحمه الله - مثل قولهم ( وجه ) قولهم : أن القتل صادفه ، والدار ملكه ، وإنما صار ملك الورثة عند الموت ، والموت ليس بقتل ; لأن القتل فعل القاتل ، ولا صنع لأحد في الموت ، بل هو من صنع الله - تبارك وتعالى - فلم يقتل في ملك الورثة فلا سبيل إلى إيجاب الضمان على الورثة وعواقلهم ، ولأن وجوده قتيلا في دار نفسه بمنزلة مباشرة القتل بنفسه كأنه قتل نفسه بنفسه فيكون هدرا ، أبي حنيفة رضي الله عنه أن المعتبر في القسامة - وقت ظهور القتيل ، لا وقت وجود القتل بدليل أن من مات قبل ذلك لا يدخل في الدية ، والدار وقت ظهور القتيل لورثته ; فكانت القسامة والدية عليهم وعلى عواقلهم تجب ، كما لو وجد قتيلا في دار ابنه ، فإن قيل كيف تجب الدية عليهم وعلى عواقلهم ، وأن الدية تجب لهم ؟ فكيف تجب لهم وعليهم ؟ وكذا عاقلتهم تتحمل عنهم لهم أيضا ، وفيه إيجاب لهم أيضا وعليهم ، وهذا ممتنع - فالجواب : ممنوع أن الدية تجب لهم بل للقتيل ; لأنها بدل نفسه فتكون له ، وبدليل أنه يجهز منها ، وتقضى منها ديونه ، وتنفذ منها وصاياه ثم ما فضل عن حاجته تستحقه ورثته لاستغناء الميت عنه ، والورثة أقرب الناس إليه وصار كما لو وجد الأب قتيلا في دار ابنه أو في بئر حفرها ابنه أليس أنه تجب القسامة والدية على الابن وعلى عاقلته ولا [ ص: 294 ] يمتنع ذلك ; لما قلنا كذا هذا ، وإن اعتبرنا وقت وجود القتل - فهو ممكن أيضا ; لأنه تجب على عاقلته لتقصيرهم في حفظ الدار فتجب عليهم الدية حقا للمقتول ثم تنتقل منه إلى ورثته عند فراغه عن حاجته ، وذكر ولأبي حنيفة إذا وجد ابن الرجل أو أخوه قتيلا في داره أن على عاقلته دية ابنه ودية أخيه ، وإن كان هو وارثه ; لما قلنا : إن وجود القتيل في الدار كمباشرة صاحبها القتل فيلزم عاقلته ذلك للمقتول ثم يستحقها صاحب الدار بالإرث ، ولو محمد فدمه هدر ; لأن داره في وقت ظهور القتيل ليست لورثته بل هي على حكم ملك نفسه إلى أن يؤدي بدل الكتابة ، فصار كأنه قتل نفسه فهدر دمه رجلان كانا في بيت ليس معهما ثالث وجد أحدهما مذبوحا قال وجد مكاتب قتيلا في دار نفسه : يضمن الآخر الدية . أبو يوسف
وقال : لا ضمان عليه . محمد
( وجه ) قوله : أنه يحتمل أنه قتله صاحبه ويحتمل أنه قتل نفسه فلا يجب الضمان بالشك ، أن الظاهر أنه قتله صاحبه ; لأن الإنسان لا يقتل نفسه ظاهرا وغالبا ، واحتمال خلاف الظاهر ملحق بالعدم . ولأبي يوسف
ألا ترى أن مثل هذا الاحتمال ثابت في قتيل المحلة ولم يعتبر .