وأما فالكلام فيه في موضعين : أحدهما في حق ثبات النسب ، والثاني في حق الميراث أما الأول فالأمر فيه لا يخلو من أحد وجهين : إما الإقرار بوارث وإما إن كان أكثر من واحد بأن إن كان الوارث واحدا ؟ اختلف فيه . مات رجل وترك ابنا فأقر بأخ هل يثبت نسبه من الميت
قال أبو حنيفة : لا يثبت النسب بإقرار وارث واحد ، وقال ومحمد : يثبت وبه أخذ [ ص: 230 ] أبو يوسف - رحمه الله وإن كان أكثر من واحد بأن كانا رجلين أو رجلا وامرأتين فصاعدا يثبت النسب بإقرارهم بالإجماع ( وجه ) قول الكرخي - رحمه الله - أن إقرار الواحد مقبول في حق الميراث فيكون مقبولا في حق النسب كإقرار الجماعة . أبي يوسف
( وجه ) قول أبي حنيفة رضي الله عنهما أن الإقرار بالأخوة إقرار على غيره لما فيه من حمل نسب غيره على غيره فكان شهادة وشهادة الفرد غير مقبولة بخلاف ما إذا كانا اثنين فصاعدا ; لأن شهادة رجلين أو رجل وامرأتين في النسب مقبولة وأما في حق الميراث فإقرار الوارث الواحد بوارث يصح ويصدق في حق الميراث بأن أقر الابن المعروف بأخ ، وحكمه أنه يشاركه فيما في يده من الميراث ; لأن الإقرار بالأخوة إقرار بشيئين : النسب واستحقاق المال والإقرار بالنسب إقرار على غيره وذلك غير مقبول لأنه دعوى في الحقيقة أو شهادة ، والإقرار باستحقاق المال إقرار على نفسه وأنه مقبول ، ومثل هذا جائز أن يكون الإقرار الواحد مقبولا بجهة غير مقبول بجهة أخرى كمن اشترى عبدا ثم أقر أن البائع كان أعتقه قبل البيع يقبل إقراره في حق العتق ولا يقبل في حق ولاية الرجوع بالثمن على البائع فعلى ذلك ههنا جاز أن يقبل ومحمد ، ولا يقبل في حق ثبات النسب . الإقرار بوارث في حق الميراث
ولو أخذت ثلث ما في يده لأن إقراره قد صح في حق الميراث ولها مع الأخ ثلث الميراث ولو أقر الابن المعروف بأخت فلها ثمن ما في يده ولو أقر بجدة هي أم الميت فلها سدس ما في يده ، والأصل أن المقر فيما في يده يعامل معاملة ما لو ثبت النسب ولو أقر بامرأة أنها زوجة أبيه فالقول قول المقر والمال بينهما نصفان استحسانا ، والقياس أن يكون القول قول المقر له والمال كله له ما لم يقم البينة على النسب ( وجه ) القياس أنهما تصادقا على إثبات وراثة المقر له واختلفا في وراثة المقر فيثبت المتفق عليه ويقف المختلف فيه على قيام الدليل ( وجه ) الاستحسان أن المقر له إنما استفاد الميراث من جهة المقر فلو بطل إقراره لبطلت وراثته وفي بطلان وراثته بطلان وراثة المقر له وكذلك لو أقر ابن الميت بابن ابن للميت وصدقه لكن أنكر أن يكون المقر ابنه فالقول قول المقر استحسانا لما قلنا ولو أقر بابنة للميت وصدقته لكنها أنكرت أن يكون المقر ابنه فالقول قول المقر له عند أقرت امرأة بأخ للزوج الميت وصدقها الأخ ولكنه أنكر أن تكون هي امرأة الميت أبي حنيفة ومحمد - رحمهم الله تعالى ، وهو القياس ، وعلى المرأة إثبات الزوجية بالبينة وعند وزفر - رحمه الله - القول قول المرأة والمال بينهما على قدر مواريثها ولو أبي يوسف فهو على الاختلاف . أقر زوج المرأة الميتة بأخ لها وصدقه الأخ لكنه أنكر أن يكون هو زوجها
( وجه ) قول قياس هذه المسألة على المسألة الأولى بالمعنى الجامع الذي ذكرناه في المسألة الأولى أبي يوسف - رحمه الله - الفرق بين المسألتين ( ووجهه ) أن النكاح ينقطع بالموت والإقرار بسبب منقطع لا يسمع إلا ببينة بخلاف النسب ولأبي حنيفة فإن صدقه الأخ المعروف في ذلك شاركهما في الميراث كما إذا أقرا جميعا لما بينا وإن كذبه فيه فإنه يقسم المال بين الأخوين المعروفين أولا نصفين فيدفع النصف إلى الأخ المنكر وأما النصف الآخر فيقسم بين الأخ المقر وبين المقر له نصفين عند عامة العلماء . ولو ترك ابنين فأقر أحدهما بأخ ثالث
وعند أثلاثا ثلثاه للمقر وثلثه للمقر له ( وجه ) قول ابن أبي ليلى أن من زعم المقر أن المال بين الإخوة الثلاثة أثلاث وأن ثلث المقر له نصفه في يده ونصفه في يد أخيه المنكر على الشيوع إلا أن إقراره على أخيه لا ينفذ فيما في يد أخيه فينفذ فيما في يده فيعطيه ثلث ذلك . ابن أبي ليلى
( ولنا ) أن من زعم المقر أن حق المقر بنسبه في الميراث حقه وأن المنكر فيما يأخذ من الزيادة وهو النصف التام ظالم فيجعل ما في يده بمنزلة الهالك فيكون النصف الباقي بينهما بالسوية لكل واحد منهما ربع المال ولو فإن صدقه الآخر فالأمر ظاهر ، وإن كذبه فيقسم المال أولا نصفين بين الأخوين ، النصف للأخ المنكر ثم يقسم النصف الباقي بين الأخ المقر وأخته للذكر مثل حظ الأنثيين أقر أحدهما بأخت فإن صدقه الآخر فالأمر واضح للمرأة الثمن والباقي بينهما لكل واحد منهما سبعة لا تستقيم عليها فتصحح المسألة فتضرب سهمين في ثمانية فتصير ستة عشر لها ثمنها والباقي بينهما لكل واحد منهما سبعة ، وإن كذبه فلها تسع ما في يده عند عامة العلماء رضي الله عنهم . ولو أقر أحدهما لامرأة أنها زوجة أبينا
وعند - رحمه الله - لها ثمن ما في يده ( وجه ) قوله في أن زعم المقر أن [ ص: 231 ] للمرأة ثمن ما في يدي الأخوين إلا أن إقراره صح فيما في يد نفسه ولم يصح في حق صاحبه ، وإذا صح في حق نفسه يعطيها ثمن ما في يده ( وجه ) قول العامة أن في زعم المقر أن ثمن التركة لها وسبعة أثمانها لهما بينهما على السوية ، أصل المسألة وقسمتها ما ذكرنا إلا أن الأخ المنكر فيما يأخذ من الزيادة ظالم فيجعل ما في يده كالهالك ويقسم النصف الذي في يد المقر بينه وبينها على قدر حقهما ويجعل ما يحصل للمقر ، وذلك سبعة على تسعة أسهم سهمان من ذلك لها وسبعة أسهم له ، وإذا جعل هذا النصف على تسعة صار كل المال على ثمانية عشر : تسعة منها للأخ المنكر وسهمان للمرأة وسبعة أسهم للأخ المقر هذا إذا أقر الوارث بوارث واحد . ابن أبي ليلى