وأما فالمحبوس بالدين في الأصل على نوعين : محبوس هو مضمون ومحبوس هو أمانة ، والمضمون على نوعين أيضا مضمون بالثمن ومضمون بالقيمة فالمضمون بالثمن كالمبيع في يد البائع حتى لو هلك سقط الثمن ; لأنه لو بقي لطالبه البائع به فيطالبه المشتري بتسليم المبيع ; لأن البيع تمليك بإزاء تمليك ، وتسليم بإزاء تسليم ، وهو عاجز عن التسليم لهلاك المبيع فلا يملك مطالبته فلا يملك البائع مطالبته بالثمن ، فيسقط ضرورة عدم الفائدة في البقاء ; ولأن المبيع في يد البائع لا يكون أدنى حالا من المقبوض على سوم الشراء وذلك مضمون ، فهذا أولى إلا أن ذلك مضمون بالقيمة ، وهذا بالثمن لوجود التسمية الصحيحة ههنا ، وانعدام التسمية هناك أصلا . حبس العين بالدين
وأما الوكيل بالشراء إذا أدى الثمن من مال نفسه فحبس السلعة لاستيفاء الثمن من الموكل فهلك فإن كان قبل الطلب يهلك أمانة عند أصحابنا رحمهم الله الثلاثة ، وعند رحمه الله يهلك مضمونا ، ولو كان بعد الطلب يهلك مضمونا ، لكن ضمان المبيع عند زفر أبي حنيفة وعند ومحمد ضمان الرهن ، وعند أبي يوسف رحمه الله ضمان الغصب ، وقد ذكرنا المسألة في كتاب الوكالة وأما المضمون بالقيمة فكالمبيع بيعا فاسدا إذا لم يكن من ذوات الأمثال إذا فسخ البائع البيع والمبيع في يد المشتري فحبسه ليرد البائع الثمن عليه فهلك في يده ، يهلك بقيمته ويتقاصان ويترادان الفضل ، وكذا المرهون مضمون عندنا ، لكن بالأقل من قيمته ومن الدين ، وعند زفر رحمه الله ليس بمضمون أصلا ، وهي مسألة كتاب الرهن وأما المحبوس الذي هو أمانة فنحو نماء الرهن فإنه محبوس بالدين لكنه أمانة في يد المرتهن حتى لو هلك لا يسقط شيء من الدين ، وكذا المستأجر دابة إجارة فاسدة إذا كان عجل الأجرة فحبسها لاستيفاء الأجرة المعجلة حتى هلكت في يده تهلك أمانة والله سبحانه وتعالى أعلم . الشافعي