، فالمالك بالخيار ، إن شاء ضمن الأول ، وإن شاء ضمن الثاني أما تضمين الأول فلوجود فعل الغصب منه : وهو تفويت يد المالك . ، ولو غصب من إنسان شيئا ، فجاء آخر وغصبه منه فهلك في يده
وأما تضمينه الثاني ; فلأنه فوت يد الغاصب الأول ، ويده يد المالك من وجه ; لأنه يحفظ ماله ويتمكن من رده على المالك ويستقر بهما الضمان في ذمته ، فكانت منفعة يده عائدة إلى المالك ، فأشبهت يد المودع ، وقد وجد من كل واحد منهما سبب وجوب الضمان ، إلا أن المضمون واحد فخيرنا المالك لتعين المستحق ، فإن اختار أن يضمن الأول رجع بالضمان على الثاني ; لأنه ملك المغصوب من وقت غصبه ، فتبين أن الثاني غصب ملكه ، وإن اختار تضمين الثاني لا يرجع على أحد ; لأنه ضمن بفعل نفسه وهو تفويت يد المالك من وجه على ما بينا ، وكذلك إن استهلكه الغاصب الثاني ، ومتى اختار تضمين أحدهما ، هل يبرأ الآخر عن الضمان بنفس الاختيار ؟ ذكر في الجامع أنه يبرأ ، حتى لو أراد تضمينه بعد ذلك لم يكن له ذلك .
وروى رحمه الله في نوادره عن ابن سماعة أنه لا يبرأ ما لم يرض من اختار تضمينه أو يقضي به عليه . محمد
( وجه ) رواية النوادر أن عند وجود الرضا أو القضاء بالضمان صار المغصوب ملكا للذي ضمنه ; لأنه باعه منه ، فلا يملك [ ص: 145 ] الرجوع بعد تمليكه ، كما لو باعه من الأول ، فأما قبل وجود الرضا أو القضاء بالضمان صار المغصوب ملكا للذي ضمنه ; لأنه باعه منه ، فلا يملك الرجوع بعد تمليكه ، كما لو باعه من الأول ، فأما قبل وجود الرضا أو القضاء ، فلم يوجد منه التمليك من أحدهما ، فله أن يملكه من أيهما شاء .
( وجه ) رواية الجامع ما ذكرنا أنه باختياره تضمين الغاصب الآخر أظهر أنه راض بأخذ الأول ، وإنه بمنزلة المودع ، وباختيار تضمين الأول أظهر أن الثاني ما أتلف عليه شيئا ; لأنه لم يفوت يده والله سبحانه وتعالى أعلم ، يتخير المالك فيضمن أيهما شاء ، فإن ضمن الغاصب جاز بيعه والثمن له لما ذكرنا . ولو باع الغاصب المغصوب من الثاني فهلك في يده
وإن ضمن المشتري بطل البيع ولا يرجع بالضمان على البائع ، ولكنه يرجع بالثمن عليه لما ذكرنا ، وكذلك لو استهلكه المشتري ، نفذ إعتاقه استحسانا ، وعند ، ولو كان المغصوب عبدا فأعتقه المشتري من الغاصب ، ثم أجاز المالك البيع محمد رحمهما الله لا ينفذ قياسا ، ولا خلاف في أنه لو باعه المشتري ، ثم أجاز المالك البيع الأول أنه لا ينفذ البيع الثاني . وزفر
( وجه ) القياس ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { آدم ولا ملك للمشتري في العبد } ; لأنه ملك المغصوب منه ، فلا ينعقد إعتاقه فيه فينفذ عليه عند الإجازة ، ولهذا لم ينفذ بيعه . لا عتق فيما لا يملكه ابن
( وجه ) الاستحسان أن إعتاق المشتري صادف ملكا على التوقف فينعقد على التوقف ، كالمشتري من الوارث عبدا من التركة المستغرقة بالدين إذا أعتقه ، ثم أبرأ الغرماء الميت عن ديونهم ، والدليل على أن الإعتاق صادف ملكا على التوقف : أن سبب الملك انعقد على التوقف وهو البيع المطلق الخالي عن الشرط ممن هو من أهل البيع في محل قابل ، إلا أنه لم ينفذ دفعا للضرر عن المالك ، ولا ضرر عليه في التوقف فيتوقف ، وإذا توقف سبب الملك يتوقف الملك فيتوقف الإعتاق ، بخلاف البيع فإنه يعتمد شروطا أخر ، ألا ترى أنه لا يجوز مع قيام الملك لمعنى الغرر ، وفي توقيف نفاذ البيع الأول تحقيق معنى الغرر ، ولو بيع المنقول قبل القبض يتخير المالك في التضمين ، فإن ضمن الغاصب لا يرجع بالضمان على أحد ; لأنه تبين أنه أودع ملك نفسه . أودع الغاصب المغصوب فهلك في يد المودع
وإن ضمن المودع يرجع على الغاصب ; لأنه غره بالإيداع فيرجع عليه بضمان الغرر ، وهو ضمان الالتزام في الحقيقة ، ولو استهلكه المودع فالجواب على القلب من الأول أنه إن ضمن الغاصب فالغاصب يرجع بالضمان على المودع ; لأنه تبين أنه استهلك ماله ، وإن ضمن المودع لم يرجع على الغاصب ; لأنه ضمن بفعل نفسه ، فلا يرجع على أحد يتخير المالك ، فإن ضمن الغاصب لا يرجع على المستأجر والمرتهن ; لأنه تبين أنه آجر ورهن ملك نفسه ، إلا أن في الرهن يسقط دين المرتهن على ما هو حكم هلاك الرهن ، وإن ضمن المستأجر أو المرتهن يرجع على الغاصب بما ضمن ، والمرتهن يرجع بدينه أيضا . ، ولو آجر الغاصب المغصوب أو رهنه من إنسان فهلك في يده
أما رجوع المرتهن بالضمان ، فلا شك فيه لصيرورته مغرورا .
وأما رجوع المستأجر ; فلأنه وإن استفاد ملك المنفعة لكن بعوض وهو الأجرة فيتحقق الغرور فأشبه المودع ، ولو استهلكه المستأجر أو المرتهن يتخير المالك ، إلا أنه إن ضمن الغاصب يرجع على المستأجر والمرتهن ; لأنه تبين أنه آجر ملك نفسه ورهن ملك نفسه فاستهلكه المستأجر والمرتهن ، وإن ضمن المستأجر أو المرتهن لم يرجع على أحد ; لأنه ضمن بفعل نفسه والله سبحانه وتعالى أعلم يتخير المالك ، وأيهما ضمن لا يرجع بالضمان على صاحبه أما الغاصب ، فلا شك فيه ; لأنه أعار ملك نفسه فهلك في يد المستعير . ولو أعاره الغاصب فهلك في يد المستعير
وأما المستعير فلأنه استفاد ملك المنفعة فلم يتحقق الغرور والله تعالى أعلم .
وعلى هذا تخرج أنها ليست بمضمونة عندنا ، وعند منافع الأعيان المنقولة المغصوبة رحمه الله مضمونة ، نحو ما الشافعي ; لأنه لم يوجد تفويت يد المالك عن المنافع ; لأنها أعراض تحدث شيئا فشيئا على حسب حدوث الزمان ، فالمنفعة الحادثة على يد الغاصب لم تكن موجودة في يد المالك ، فلم يوجد تفويت يد المالك عنها ، فلم يوجد الغصب ، وعنده حد الغصب إثبات اليد على مال الغير بغير إذن مالكه . إذا غصب عبدا أو دابة فأمسكه أياما ولم يستعمله ، ثم رده على مالكه
وقد وجد في المنافع والمنفعة مال بدليل أنه يجوز أخذ العوض عنها في الإجارة ، وتصلح مهرا في النكاح ، فتحقق الغصب فيها ، فيجب الضمان ، وعلى هذا يخرج ما إذا ، أو جاء سيل فذهب بالبناء والأشجار ، أو غلب الماء على الأرض فبقيت تحت الماء أنه لا ضمان عليه في قول غصب دارا أو عقارا فانهدم شيء من [ ص: 146 ] البناء رضي الله عنه أبي حنيفة الآخر ، وعند وأبي يوسف وهو قول محمد الأول يضمن ، وهو قول أبي يوسف رحمه الله أما الشافعي فقد مر على أصله في تحديد الغصب أنه إثبات اليد على مال الغير بغير إذن مالكه ، وهذا يوجد في العقار ، كما يوجد في المنقول . الشافعي
وأما رحمه الله تعالى فقد مر على أصله في حد الغصب أنه إزالة يد المالك عن ماله ، والفعل في المال ليس بشرط ، وقد وجد تفويت يد المالك عن العقار ; لأن ذلك عبارة عن إخراج المال من أن يكون منتفعا به في حق المالك ، أو إعجاز المالك عن الانتفاع به ، وهذا كما يوجد في المنقول يوجد في العقار فيتحقق الغصب ، والدليل عليه مسألة ذكرناها في الرجوع عن الشهادات وهي : أن محمد يضمنان . من ادعى على آخر دارا فأنكر المدعى عليه فأقام المدعي شاهدين وقضى القاضي بشهادتهما ، ثم رجعا
كما لو كانت الدعوى في المنقول ، فقد سوى بين العقار والمنقول في ضمان الرجوع ، فدل أن الغصب الموجب للضمان يتحقق فيهما جميعا وأما أبو حنيفة رحمهما الله فمرا على أصلهما أن الغصب إزالة يد المالك عن ماله بفعل في المال ولم يوجد في العقار ، والدليل على أن هذا شرط تحقق الغصب : الاستدلال بضمان الغصب ، فإن أخذ الضمان من الغاصب تفويت يده عنه بفعل في الضمان ، فيستدعي وجود مثله منه في المغصوب ، ليكون اعتداء بالمثل ، وعلى أنهما إن سلما تحقق الغصب في العقار ، فالأصل في الغصب أن لا يكون سببا لوجوب الضمان ; لأن أخذ الضمان من الغاصب إتلاف ماله عليه . وأبو يوسف
ألا ترى أنه تزول يده وملكه عن الضمان ، فيستدعي وجود الإتلاف منه إما حقيقة أو تقديرا ; لأن الله سبحانه وتعالى لم يشرع الاعتداء ، إلا بالمثل ، قال الله سبحانه وتعالى : { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } ولم يوجد هاهنا الإتلاف من الغاصب لا حقيقة ولا تقديرا أما الحقيقة فظاهرة .
وأما التقدير فلأن ذلك بالنقل والتحويل والتغييب عن المالك على وجه لا يقف على مكانه ، ولهذا لا ضمان عليه ، والعقار لا يحتمل النقل والتحويل ، فلم يوجد الإتلاف حقيقة وتقديرا فينتفي الضمان لضرورة النص ، وعلى هذا الاختلاف لو حبس رجلا حتى ضاعت مواشيه ، وفسد زرعه فالضمان على المتلف عندهما ; لأن الغصب لا يتحقق في العقار فيعتبر الإتلاف ، وعند إذا غصب عقارا فجاء إنسان فأتلفه يتحقق الغصب فيه فيتخير المالك ، فإن اختار تضمين الغاصب فالغاصب يرجع بالضمان على المتلف ، وإن اختار تضمين المتلف لا يرجع على أحد ; لأنه ضمن بفعل نفسه . محمد
( وأما ) مسألة الرجوع عن الشهادة فمن أصحابنا من منعها ، وقال : إن رحمه الله بنى الجواب على أصل نفسه ، فأما على قولهما فلا يضمنان ، ومنهم من سلم ولا بأس بالتسليم ; لأن ضمان الرجوع ضمان إتلاف لا ضمان غصب والعقار مضمون بالإتلاف بلا خلاف ، وعلى هذا يخرج ما محمدا ، بأن مرض في يده فمات ، أنه لا يضمن ; لأن كون المغصوب مالا شرط تحقق الغصب ، والحر ليس بمال إذا غصب صبيا حرا من أهله فمات في يده من غير آفة أصابته ونحو ذلك يضمن لوجود الإتلاف منه تسبيبا ، والحر يضمن بالإتلاف مباشرة وتسبيبا على ما نذكره في مسائل الإتلاف إن شاء الله تعالى ولو مات في يده بآفة بأن عقره أسد أو نهشته حية يضمن ; لأن المدبر مال متقوم ، إلا أنه امتنع جواز بيعه إذا كان مدبرا مطلقا مع كونه مالا متقوما لانعقاد سبب الحرية للحال . ولو غصب مدبرا فهلك في يده
وفي البيع إبطال السبب على ما عرف ، وكذلك ; لأنه عبد ما بقي عليه درهم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان مالا متقوما ، ومعتق البعض بمنزلة المكاتب على أصل لو غصب مكاتبا فهلك في يده فكان مضمونا بالغصب كالمكاتب ، وعلى أصلهما هو حر عليه دين ، والحر لا يضمن بالغصب أبي حنيفة لم يضمن عند ، ولو غصب أم ولد إنسان فهلكت عندهم رضي الله عنه ، وعندهما يضمن ، وأم الولد لا تضمن بالغصب ، ولا بالقبض في البيع الفاسد ، ولا بالإعتاق كجارية بين رجلين جاءت بولد فادعياه جميعا ، ثم أعتقها أحدهما لا يضمن لشريكه شيئا ، ولا تسعى هي في شيء أيضا عنده ، وعندهما يضمن في ذلك كله كالمدبر ، ولقب المسألة : أن أبي حنيفة ولا خلاف أنها متقومة بالقتل ، ولا خلاف في أن المدبر متقوم . أم الولد هل هي متقومة من حيث إنها مال أم لا
( وجه ) قولهما أنها كانت مالا متقوما ، والاستيلاد لا يوجب المالية والتقوم ; لأنه [ ص: 147 ] لا يثبت به إلا حق الحرية فإنه لا يبطل المالية والتقوم ، كما في المدبر .
( وجه ) قول رضي الله عنه أن الاستيلاد إعتاق لما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه { أبي حنيفة مارية : أعتقها ولدها } فظاهره يقتضي ثبوت العتق للحال في جميع الأحكام ، إلا أنه تأخر في حق بعض الأحكام ، فمن ادعى التأخر في حق سقوط المالية والتقوم فعليه الدليل بخلاف المدبر ; لأن التدبير ليس بإعتاق للحال على معنى أنه لا يثبت به العتق للحال أصلا ، وإنما الموجود للحال مباشرة سبب العتق من غير عتق ، وهذا لا يمنع بقاء المالية والتقويم ، ويمنع جواز البيع لما قلنا ، وعلى هذا يخرج ما إذا غصب جلد ميتة لذمي أو لمسلم فهلك في يده أو استهلكه أنه لا يضمن ; لأن الميتة والدم ليسا بمال في الأديان كلها . قال في جاريته
ولو دبغه الغاصب وصار مالا فحكمه نذكره في موضعه إن شاء الله تعالى ، وعلى هذا يخرج ما أنه لا يضمن ، سواء كان الغاصب مسلما أو ذميا ; لأن الخمر ليست بمال متقوم في حق المسلم وكذا الخنزير ، فلا يضمنان بالغصب . إذا غصب خمرا لمسلم أو خنزيرا له فهلك في يده
يضمن سواء كان الغاصب ذميا أو مسلما غير أن الغاصب إن كان ذميا فعليه في الخمر مثلها ، وفي الخنزير قيمته وإن كان مسلما فعليه القيمة فيهما جميعا ، وهذا عندنا وقال ولو غصب خمرا أو خنزيرا لذمي فهلك في يده : لا ضمان على غاصب الخمر والخنزير كائنا من كان . الشافعي
( وجه ) قوله : أن حرمة الخمر والخنزير ثابتة في حق الناس كافة لقوله سبحانه وتعالى في صفة الخمور أنه : { رجس من عمل الشيطان } وصفة المحل لا تختلف باختلاف الشخص وقوله عليه الصلاة والسلام : { } أخبر عليه الصلاة والسلام كونها محرمة وجعل علة حرمتها عينها ، فتدور الحرمة مع العين ، وإذا كانت محرمة لا تكون مالا ; لأن المال ما يكون منتفعا به حقيقة ، مباح الانتفاع به شرعا على الإطلاق . حرمت الخمر لعينها
( ولنا ) ما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في الحديث المعروف : { } وللمسلم الضمان إذا فأعلموهم أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين ، فيلزم أن يكون للذمي الضمان إذا غصب منه خمره أو خنزيره ; ليكون لهم ما للمسلمين عملا بظاهر الحديث وأما الكلام في المسألة من حيث المعنى : فبعض مشايخنا قالوا : الخمر مباح في حق أهل الذمة وكذا الخنزير ، فالخمر في حقهم كالخل في حقنا ، والخنزير في حقهم كالشاة في حقنا في حق الإباحة شرعا . غصب منه خله وشاته ونحو ذلك إذا هلك في يد الغاصب
فكان كل واحد منهما مالا متقوما في حقهم ، ودليل الإباحة في حقهم أن كل واحد منهم منتفع به حقيقة ; لأنه صالح لإقامة مصلحة البقاء ، والأصل في أسباب البقاء هو الإطلاق ، إلا أن الحرمة في حق المسلم تثبت نصا غير معقول المعنى ، أو معقول المعنى لمعنى لا يوجد هاهنا ، أو يوجد لكنه يقتضي الحل لا الحرمة ، وهو قوله تعالى : { إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون } لأن الصد لا يوجد في الكفرة ، والعداوة فيما بينهم واجب الوقوع ، ولأنها سبب المنازعة والمنازعة سبب الهلاك ، وهذا يوجب الحل لا الحرمة ، فلا تثبت الحرمة في حقهم ، وبعضهم قالوا : إن الحرمة ثابتة في حقهم ، كما هي ثابتة في حق المسلمين ; لأن الكفار مخاطبون بشرائع هي حرمات عندنا ، وهو الصحيح من الأقوال على ما عرف في أصول الفقه ، وعلى هذا طريق وجوب الضمان وجهان : .
أحدهما : أن الخمر ، وإن لم يكن مالا متقوما في الحال فهي بعرض أن تصير مالا متقوما في الثاني بالتخلل والتخليل ، ووجوب ضمان الغصب والإتلاف يعتمد كون المحل المغصوب والمتلف مالا متقوما في الجملة ولا يقف على ذلك للحال ، ألا ترى أن المهر والجحش وما لا منفعة له في الحال مضمون بالغصب والإتلاف ، والثاني : أن الشرع منعنا عن التعرض لهم بالمنع عن شرب الخمر وأكل الخنزير ; لما روي عن سيدنا كرم الله وجهه أنه قال : { علي أمرنا بأن نتركهم وما يدينون } ، ومثله لا يكذب ، وقد دانوا شرب الخمر وأكل الخنزير فلزمنا ترك التعرض لهم في ذلك ، وبقي الضمان بالغصب والإتلاف يفضي إلى التعرض ; لأن السفيه إذا علم أنه إذا غصب أو أتلف لا يؤاخذ بالضمان يقدم على ذلك ، وفي ذلك منعهم وتعرض لهم من حيث المعنى والله سبحانه وتعالى أعلم .
، فلا ضمان عليه ، ولو استهلكها يضمن خلا مثلها ; لأن الغصب حين وجوده لم ينعقد سببا لوجوب الضمان ، ولم يوجد من الغاصب صنع آخر ; لأن الهلاك ليس من صنعه ، فلا يضمن ، وإن استهلكه فقد وجد منه [ ص: 148 ] صنع آخر سوى الغصب ، وهو إتلاف خل مملوك للمغصوب منه فيضمن ولو كان لمسلم خمر غصبها ذمي أو مسلم فهلكت عند الغاصب أو خللها يضمن قيمته صليبا ; لأنه مقر على ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم وعلى هذا يخرج ما ولو غصب مسلم من نصراني صليبا له فهلك في يده أنه ضامن بذلك ، سواء عطب في تلك الخدمة أو في مضيه في حاجته أو مات حتف أنفه ; لأن يد المالك كانت ثابتة عليه . إذا استخدم عبد رجل بغير أمره ، أو بعثه في حاجة ، أو قاد دابة له ، أو ساقها ، أو ركبها ، أو حمل عليها بغير إذن صاحبها
وإذا أثبت يد التصرف عليه فقد فوت يد المالك فيتحقق الغصب لم يضمن في قولهما ، وعند ولو دخل دار إنسان بغير إذنه ، وليس في الدار أحد فهلك في يده يضمن ، وقد ذكرنا المسألة فيما تقدم محمد لا يضمن بالإجماع ; لأن تفويت يد المالك فيما يحتمل النقل لا يحصل بدون النقل ، فلم يتحقق الغصب ، فلا يجب الضمان والله سبحانه وتعالى أعلم . ولو جلس على فراش غيره أو بساط غيره بغير إذنه فهلك