وأما فأنواع ، منها العقل ، فلا تصح ردة المجنون والصبي الذي لا يعقل ; لأن العقل من شرائط الأهلية خصوصا في الاعتقادات ، ولو كان الرجل ممن يجن ويفيق فإن ارتد في حال جنونه لم يصح ، وإن ارتد في حال إفاقته صحت ; لوجود دليل الرجوع في إحدى الحالتين دون الأخرى ، وكذلك السكران الذاهب العقل لا تصح ردته استحسانا ، والقياس أن تصح في حق الأحكام . شرائط صحتها
( وجه ) القياس أن الأحكام مبنية على الإقرار بظاهر اللسان لا على ما في القلب ، إذ هو أمر باطن لا يوقف عليه .
( وجه ) الاستحسان أن أحكام الكفر مبنية على الكفر ، كما أن أحكام الإيمان مبنية على الإيمان ، والإيمان والكفر يرجعان إلى التصديق والتكذيب ، وإنما الإقرار دليل عليهما ، وإقرار السكران الذاهب العقل لا يصلح دلالة على التكذيب ، فلا يصح إقراره .
وأما البلوغ فهل هو شرط اختلف فيه ؟ قال أبو حنيفة رضي الله عنهما : ليس بشرط فتصح ردة الصبي العاقل ، وقال ومحمد - رحمه الله : شرط حتى لا تصح ردته . أبو يوسف
( وجه ) قوله أن عقل الصبي في التصرفات الضارة المحضة ملحق بالعدم ; ولهذا لم يصح طلاقه وإعتاقه وتبرعاته ، والردة مضرة محضة فأما الإيمان فيقع محضا ; لذلك صح إيمانه ولم تصح ردته .
( وجه ) قولهما أنه صح إيمانه فتصح ردته ، وهذا لأن صحة الإيمان والردة مبنية على وجود الإيمان والردة حقيقة ; لأن الإيمان والكفر من الأفعال الحقيقية ، وهما أفعال خارجة القلب بمنزلة أفعال سائر الجوارح ، والإقرار الصادر عن عقل دليل وجودهما ، وقد وجد هاهنا إلا أنهما مع وجودهما منه حقيقة لا يقتل ، ولكن يحبس لما نذكر إن شاء - الله تعالى - والقتل ليس من لوازم الردة عندنا فإن المرتدة لا تقتل بلا خلاف بين أصحابنا ، والردة موجودة وأما الذكورة فليست بشرط فتصح ردة المرأة عندنا ; لكنها لا تقتل بل تجبر على الإسلام ، وعند - رحمه الله - تقتل ; وستأتي المسألة في موضعها إن شاء - الله تعالى ومنها الطوع ، فلا تصح ردة المكره على الردة استحسانا إذا كان قلبه مطمئنا بالإيمان ، والقياس أن تصح في أحكام الدنيا وسنذكر وجه القياس والاستحسان في كتاب الإكراه إن شاء - الله تعالى . الشافعي