( أما ) إذا أعتقه فلأن يده زالت عنه وهو مسلم ، فحصل في يد نفسه فعتق عليه ، كالعبد الحربي إذا خرج إلينا مسلما ، والاستيلاد فرع النسب ، والنسب يثبت في دار الحرب ، وقهر الحربي كموته ، وإن مات عتقت أم ولده ، كما إذا غلب عليه ، وعتق المدبر لهذا المعنى ، والمكاتب صار في يد نفسه ; لزوال يد المولى عنه وهو مسلم فيعتق ، ولأنه إذا قهر المولى سقط عنه بدل الكتابة ، فعتق لزوال رقه ، ولو فلا شيء للمشتري على الحر ; لأنه ما اشتراه حقيقة ; إذ الحر لا يحتمل التملك ، لكنه بذل مالا لاستخلاص الأسير بغير إذنه ، فكان متطوعا فيه ، فلا يملك الرجوع عليه ، وإن أمره الحر بذلك ففعله بأمره رجع [ ص: 130 ] عليه ; لأنه لما أمره بذلك فكأنه استقرض منه هذا القدر من المال ، فأقرضه إياه ، ثم أمره أن يدفعه إلى فلان ففعل ، فيرجع عليه بحكم الاستقراض ، ولو كان المأسور حرا فاشتراه مسلم وأخرجه إلى دار الإسلام ، فهو لهم ولا حق للمالك القديم فيه ; لأنه مال أسلموا عليه ، ومن أسلم على مال فهو له على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الذي ذكرنا حكم استيلاء الكافر فأما حكم الشراء ، فنقول : أسلم أهل الحرب ، ومتاع المسلمين الذي أحرزوه في أيديهم ثبت الملك له فيه عندنا ; لكنه يجبر على البيع ، وكذلك لو الحربي إذا خرج إلينا فاشترى عبدا مسلما يجبر على البيع ، وعند خرج إلينا بعبده فأسلم في يده - رحمه الله : لا يجوز شراء الكافر العبد المسلم وهي مسألة كتاب البيوع ، فإن لم يبعه حتى دخل دار الحرب به عتق عند الشافعي - رحمه الله تعالى ، وعندهما لا يعتق وجه قولهما أن لإحراز الكافر ماله بدار الحرب أثرا في زوال العصمة لا في زوال الملك ، فإن مال الكافر مملوك لكنه غير معصوم وجه قول أبي حنيفة - رحمه الله - أن الثابت للحربي بالشراء ملك مجبور على إزالته ، فلو لم يعتق بإدخاله دار الحرب لم يبق الملك الثابت له شرعا بهذه الصفة ; لتعذر الجبر بالإحراز بوجه ، فيؤدي إلى تغيير المشروع ، وهذا لا يجوز ثم طريق الزوال هو الإحراز بالدار ، وإن كان هو في الأصل شرط زوال الملك والعصمة في استيلاء الكفار لتعذر تحصيل العلة ، فأقيم الشرط مقامه على الأصل المعهود من إقامة الشرط مقام العلة عند تعذر تعليق الحكم بالعلة ، ولو اشترى عبدا ذميا فهو على هذا الاختلاف أيضا ; لأن الحربي مجبور على بيع الذمي أيضا ، ولا يترك ليدخل دار الحرب ولو . أبي حنيفة