( وأما ) الكنائس والبيع القديمة فلا يتعرض لها ولا يهدم شيء منها .
( وأما ) أخرى فيمنعون عنه فيما صار مصرا من أمصار المسلمين ; لقوله عليه الصلاة والسلام { إحداث كنيسة : لا كنيسة في الإسلام إلا في دار الإسلام } .
فلهم أن يبنوها كما كانت ; لأن لهذا البناء حكم البقاء ، ولهم أن يستبقوها فلهم أن يبنوها ، وليس لهم أن يحولوها من موضع إلى موضع آخر ; لأن التحويل من موضع إلى موضع آخر في حكم إحداث كنيسة أخرى . ولو انهدمت كنيسة
( وأما ) في القرى أو في موضع ليس من أمصار المسلمين فلا يمنعون من إحداث الكنائس والبيع ، كما لا يمنعون من إظهار بيع الخمور والخنازير لما بينا ولو ظهر الإمام على قوم من أهل الحرب فرأى أن يجعلهم ذمة ، ويضع على رءوسهم الجزية .
وعلى أراضيهم الخراج ، لا يمنعون من اتخاذ الكنائس والبيع ، وإظهار بيع الخمر والخنزير ; لأن الممنوع إظهار شعائر الكفر في مكان إظهار شعائر الإسلام ، وهو أمصار المسلمين ، ولم يوجد بخلاف ما إذا صاروا ذمة بالصلح ، بأن طلب قوم من أهل الحرب منا أن يصيروا ذمة يؤدون عن رقابهم وأراضيهم شيئا معلوما ، ونجري عليهم أحكام الإسلام فصالحناهم على ذلك ، فكانت أراضيهم مثل أراضي الشام مدائن وقرى ، ورساتيق وأمصارا ، إنه لا يتعرض لكنائسهم القديمة ، ولكنهم لو أرادوا أن يحدثوا شيئا منها يمنعوا من ذلك ; لأنها صارت مصرا من أمصار المسلمين .
وإحداث الكنيسة في مصر من أمصار المسلمين ممنوع عنه شرعا فإن مصر الإمام مصرا للمسلمين ، كما مصر سيدنا رضي الله عنه عمر الكوفة والبصرة ، فاشترى قوم من أهل الذمة دورا ، وأرادوا أن يتخذوا فيها كنائس لا يمكنوا من ذلك لما قلنا ، وكذلك منع من ذلك ; لأن ذلك في معنى اتخاذ الكنيسة ، وكل مصر من أمصار المشركين ظهر عليه الإمام عنوة ، وجعلهم ذمة فما كان فيه كنيسة قديمة منعهم من الصلاة في تلك الكنائس ; لأنه لما فتح عنوة فقد استحقه المسلمون ، فيمنعهم من الصلاة فيها ، ويأمرهم أن يتخذوها مساكن ، ولا ينبغي أن يهدمها وكذلك كل قرية جعلها الإمام مصرا ، ولو عطل الإمام هذا المصر وتركوا إقامة الجمع والأعياد والحدود فيه ، كان لأهل القرية أن يحدثوا ما شاءوا ; لأنه عاد قرية كما كانت نصرانية تحت مسلم لا يمكنها من نصب الصليب في بيته ; لأن نصب الصليب كنصب الصنم ، وتصلي في بيته حيث شاءت هذا الذي ذكرنا حكم أرض العجم . لو تخلى رجل في صومعته
( وأما ) ، ولا بيعة ولا يباع فيها الخمر والخنزير مصرا كان أو قرية ، أو ماء من مياه العرب ، ويمنع المشركون أن يتخذوا أرض العرب مسكنا ووطنا كذا ذكره أرض العرب فلا يترك فيها كنيسة تفضيلا لأرض العرب على غيرها ، وتطهيرا لها عن الدين الباطل قال عليه الصلاة والسلام { محمد } . : لا يجتمع دينان في جزيرة العرب
وأما الالتجاء إلى الحرم فإن الحرم ، لا يباح قتله في الحربي إذا التجأ إلى الحرم ، ولكن لا يطعم ولا يسقى ولا يؤوى ، ولا يبايع حتى يخرج من الحرم وعند - رحمه الله : يقتل في الشافعي الحرم أصحابنا فيما بينهم قال أبو حنيفة - رحمهما الله : لا يقتل في ومحمد الحرم ، ولا يخرج منه أيضا وقال - رحمه الله : لا يباح قتله في أبو يوسف الحرم ، ولكن يباح إخراجه من الحرم - رحمه الله قوله تبارك وتعالى { للشافعي فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } وحيث يعبر به عن المكان ، فكان هذا إباحة لقتل المشركين في الأماكن كلها .
( ولنا ) قوله - تبارك وتعالى - { أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا } إذا دخل ملتجئا ، أما إذا دخل مكابرا أو مقاتلا يقتل ; لقوله تعالى { ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم } ولأنه لما دخل مقاتلا فقد هتك حرمة الحرم ، فيقتل تلافيا للهتك زجرا لغيره عن الهتك وكذلك لو دخل قوم من أهل الحرب للقتال ، فإنهم يقتلون ، ولو انهزموا من المسلمين فلا شيء على المسلمين في قتلهم وأسرهم والله - تعالى - أعلم .