ولا يقام شيء من ذلك في المسجد ; لما روي عن رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { ابن عباس } وهذا نص في الباب ; ولأن تعظيم المسجد واجب ، وفي إقامة الحدود فيه ترك تعظيمه ، يؤيده أنا نهينا عن سل السيوف في المساجد ، قال : عليه الصلاة والسلام { لا تقام الحدود في المساجد } ومعلوم أن سل السيف في ترك التعظيم دون الجلد والرجم فلما كره ذلك ; فلأن يكره هذا أولى ; ولأن جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وبياعاتكم وأشريتكم وسل سيوفكم تعظيما للمسجد لا تخلو عن تلويثه ; فتجب صيانة المسجد عن ذلك ، وينبغي أن تقام الحدود كلها في ملإ من الناس ; لقوله تبارك وتعالى - عز اسمه - { إقامة الحدود في المسجد وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين } والنص وإن ورد في حد الزنا ، لكن النص الوارد فيه يكون واردا في سائر الحدود دلالة ; لأن المقصود من الحدود كلها واحد وهو زجر العامة ، وذلك [ ص: 61 ] لا يحصل إلا وأن تكون الإقامة على رأس العامة ; لأن الحضور ينزجرون بأنفسهم بالمعاينة والغيب ينزجرون بإخبار الحضور فيحصل الزجر للكل ، وكذا فيه منع الجلاد من المجاوزة عن الحد الذي جعل له ; لأنه لو جاوز لمنعه الناس عن المجاوزة ، وفيه أيضا دفع التهمة والميل فلا يتهمه الناس أن يقيم الحد عليه بلا جرم سبق منه ، والله - تعالى - الموفق .