ولو - لا حد عليه ، منهم من قال : إنما لم يجب الحد ; لشبهة الاشتباه ، وهذا غير سديد ، فإنها إذا جاءت بولد يثبت النسب ، ولو كان امتناع الوجوب لشبهة الاشتباه ينبغي أن لا يثبت ; لأن النسب لا يثبت في شبهة الاشتباه كما فيما ذكرنا من المسائل ، وههنا يثبت النسب ، دل أن الامتناع ليس لشبهة الاشتباه بل لمعنى آخر . زفت إليه غير امرأته ، وقلن النساء : إن هذه امرأتك فوطئها
وهو إن وطئها بناء على دليل ظاهر - يجوز بناء الوطء عليه ، وهو الإخبار بأنها امرأته ، بل لا دليل ههنا سواه فلئن تبين الأمر بخلافه فقيام الدليل المبيح من حيث الظاهر يورث شبهة ، ولو وطئ أجنبية وقال : ظننت أنها امرأتي أو جاريتي أو شبهتها بامرأتي أو جاريتي - يجب الحد ; لأن هذا الظن غير معتبر ; لعدم استناده إلى دليل فكان ملحقا بالعدم فلا يحل الوطء بناء على هذا الظن ، ما لم يعرف أنها امرأته بدليل ، إما بكلامها أو بإخبار مخبر ، ولم يوجد ، مع ما أنا لو اعتبرنا هذا الظن في إسقاط الحد لم يقم حد الزنا في موضع ما ، إذ الزاني لا يعجز عن هذا القدر فيؤدي إلى سد باب الحد ، وهكذا روي عن - رحمه الله - أنه قال : لو قيل هذا لما أقيم الحد على أحد ، وكذلك لو كان الرجل أعمى فوجد امرأة في بيته فوقع عليها وقال : ظننتها امرأتي عليه الحد ; لأن هذا ظن لم يستند إلى دليل ، إذ قد يكون في البيت من لا يجوز وطؤها من المحارم والأجنبيات ; فلا يحل الوطء بناء على هذا الظن فلم تثبت الشبهة . إبراهيم النخعي
وروي عن في رجل أعمى دعا امرأته فقال : يا فلانة ، فأجابت غيرها ، فوقع عليها ; أنه يحد ، ولو أجابته غيرها وقالت : أنا فلانة فوقع عليها - لم يحد ، ويثبت النسب وهي كالمرأة المزفوفة إلى غير زوجها ; لأنه لا يحل له وطؤها بنفس الإجابة ما لم تقل أنا فلانة ; لأن الإجابة قد تكون من التي ناداها ، وقد تكون من غيرها ، فلا يجوز بناء الوطء على نفس الإجابة ، فإذا فعل لم يعذر ، بخلاف ما إذا قالت : أنا فلانة فوطئها ; لأنه لا سبيل للأعمى إلى أن يعرف أنها امرأته إلا بذلك الطريق ، فكان معذورا فأشبه المرأة المزفوفة ، حتى لو كان الرجل بصيرا لا يصدق على ذلك ; لإمكان الوصول إلى أنها امرأته بالرؤية . محمد
وروي عن في رجل أعمى وجد على فراشه أو مجلسه امرأة نائمة فوقع عليها وقال : ظننت أنها امرأتي ; يدرأ عنه الحد وعليه العقر ، وقال زفر : لا يدرأ . أبو يوسف
( وجه ) قول أنه ظن في موضع الظن ، إذ الظاهر أنه لا ينام على فراشه غير امرأته ، فكان ظنه مستندا إلى دليل ظاهر ; فيوجب درأ الحد ، كما لو زفت إليه غير امرأته فوطئها . زفر
( وجه ) قول أن النوم على الفراش لا يدل على أنها امرأته لجواز أن ينام على فراشه غير امرأته ، فلا يجوز استحلال الوطء بهذا القدر ، فإذا استحل وظهر الأمر بخلافه - لم يكن معذورا ، والله - سبحانه وتعالى - أعلم . أبي يوسف