وأما ، فأما قبل الإمضاء : لا ضمان أصلا لعدم الإتلاف أصلا ، وأما بعد الإمضاء ، فإن كان الحد رجما ضمنوا الدية بلا خلاف لوقوع شهادتهم إتلافا أو إقرارا بالإتلاف ، وإن كان الحد جلدا فليس عليهم أرش الجلدات إذا لم يمت منها ولا الدية إن مات منها عند حكم الضمان - رحمه الله - ، وعندهما يضمنون ، وجه قولهما أن شهادتهم وقعت إتلافا بطريق التسبيب ; ; لأنها تفضي إلى القضاء . أبي حنيفة
والقضاء يفضي إلى إقامة الجلدات وأنها تفضي إلى التلف فكان التلف بهذه الوسائط مضافا إلى الشهادة فكانت إتلافا تسبيبا ، ولهذا لو شهدوا بالقصاص أو بالمال ، ثم رجعوا وجبت عليهم الدية والضمان كذا هذا ، - عليه [ ص: 289 ] الرحمة - أن الأثر حصل مضافا إلى الضرب دون الشهادتين لوجهين : أحدهما - أن الشهود لم يشهدوا على ضرب جارح ; ; لأن الضرب الجارح غير مستحق في الجلد ، فلا يكون الجرح مضافا إلى شهادتهم والثاني - أن الضرب مباشرة الإتلاف والشهادة تسبيب إليه . ولأبي حنيفة
وإضافة الأثر إلى المباشرة أولى من إضافته إلى التسبيب ، إلا أنه لا ضمان على بيت المال ; لأن هذا ليس خطأ من القاضي ليكون عطاؤه في بيت المال لنوع تقصير منه ، ولا تقصير من جهته ههنا فلا شيء على بيت المال ، هذا إذا رجعوا جميعا ، فأما إذا رجع واحد منهم ، فإن كان قبل القضاء يحدون جميعا عند أصحابنا الثلاثة ، وعند يحد الراجع خاصة ، وجه قوله أن كلامهم وقع شهادة قذفا لكمال نصاب الشهادة ، وهو عدد الأربعة . زفر
وإنما ينقلب قذفا بالرجوع ، ولم يوجد إلا من أحدهم ، فينقلب كلامه قذفا خاصة ، بخلاف ما إذا شهد ثلاثة بالزنا أنهم يحدون ; ; لأن هناك نصاب الشهادة لم يكمل فوقع كلامهم من الابتداء قذفا .
( ولنا ) أن كلامهم لا يصير شهادة إلا بقرينة القضاء ، ألا ترى أنها لا تصير حجة إلا به فقبله يكون قذفا لا شهادة ، فكان ينبغي أن يقام الحد عليهم بالنص لوجود الرمي منهم ، إلا أنه لا يقام لاحتمال أن يصير شهادة بقرينة القضاء ، ولئلا يؤدي إلى سد باب الشهادة ، فإذا رجع أحدهم زال هذا المعنى فبقي كلامهم قذفا فيحدون ، وصار كما لو كان الشهود من الابتداء ثلاثة ، فإنهم يحدون لوقوع كلامهم قذفا كذا هذا ، وإن كان بعد القضاء قبل الإمضاء ، فإنهم يحدون جميعا عندهما ، وعند الراجع خاصة ، وجه قوله أن كلامهم وقع شهادة لاتصال القضاء به ، فلا ينقلب قذفا إلا بالرجوع ، ولم يرجع إلا واحد منهم فينقلب كلامه خاصة قذفا ، فلم يصح رجوعه في حق الباقين فبقي كلامهم شهادة فلا يحدون ، ولهما أن الإمضاء في باب الحدود من القضاء ، بدليل أن عمى الشهود أو ردتهم قبل القضاء كما يمنع من القضاء فبعده يمنع من الإمضاء ، فكان رجوعه قبل الإمضاء بمنزلة رجوعه قبل القضاء . محمد
ولو رجع قبل القضاء يحدون جميعا بلا خلاف بين أصحابنا الثلاثة ، كذا إذا رجع بعد القضاء قبل الإمضاء ، وإن كان بعد الإمضاء ، فإن كان الحد جلدا يحد الراجع خاصة بالإجماع ; ; لأن رجوعه صحيح في حقه خاصة لا في حق الباقين فانقلبت شهادته خاصة قذفا فيحد خاصة ، وإن كان الحد رجما ومات المقذوف يحد الراجع عند أصحابنا خلافا وقد مرت المسألة هذا حكم الحد . لزفر