( فصل ) :
فأنواع : وقد دخل بعضها في بيان الشرائط المصححة ( منها ) : شرط كون الخارج لأحدهما ; لأنه شرط يقطع الشركة التي هي من خصائص العقد ( ومنها ) : شرط العمل على صاحب الأرض ; لأن ذلك يمنع التسليم ، وهو التخلية . وأما الشرائط المفسدة للمزارعة
( ومنها ) : شرط البقر ; لأن فيه جعل منفعة البقر معقودا عليها مقصودة في باب المزارعة ولا سبيل إليه .
( ومنها ) شرط العمل والأرض جميعا من جانب واحد ; لأن ذلك خلاف مورد الشرع الذي هو خلاف القياس على ما مر في الفصول المتقدمة .
( ومنها ) : شرط الحمل والحفظ على المزارع بعد القسمة ; لأنه ليس من عمل المزارعة .
( ومنها ) : شرط الحصاد والرفع إلى البيدر والدياس والتذرية ; لأن الزرع لا يحتاج إليه ; إذ لا يتعلق به صلاحه ، والأصل أن كل عمل يحتاج إليه الزرع قبل تناهيه وإدراكه وجفافه مما يرجع إلى إصلاحه من السقي والحفظ وقلع الحشاوة وحفر الأنهار وتسوية المسناة ونحوها فعلى المزارع ; لأن ما هو المقصود من الزرع ، وهو النماء لا يحصل بدونه عادة ، فكان من توابع المعقود عليه ، فكان من عمل المزارعة فيكون على المزارع ، وكل عمل يكون بعد تناهي الزرع وإدراكه وجفافه قبل قسمة الحب مما يحتاج إليه لخلوص الحب وتنقيته يكون بينهما على شرط الخارج ; لأنه ليس من عمل المزارعة ; ولهذا قالوا لا يجوز لانقضاء وقت عمل المزارعة ; إذ العمل [ ص: 181 ] فيه بعد الإدراك مما لا يفيده ، وكل عمل يكون بعد القسمة من الحمل إلى البيت ونحوه مما يحتاج إليه لإحراز المقسوم فعلى كل واحد منهما في نصيبه ; لأن ذلك مؤنة ملكه فيلزمه دون غيره . : لو دفع أرضا مزارعة ، وفيها زرع قد استحصد
وروي عن أنه أجاز شرط الحصاد ورفع البيدر والدياس والتذرية على المزارع لتعامل الناس ، وبعض مشايخنا بما وراء النهر يفتون به أيضا ، وهو اختيار أبي يوسف نصير بن يحيى ومحمد بن سلمة من مشايخ خراسان
والجذاذ في باب المعاملة لا يلزم العامل بلا خلاف ( أما ) في ظاهر الرواية فلا يشكل .
وأما على رواية فلانعدام التعامل فيه . أبي يوسف
ولو باع الزرع قصيلا فاجتمعا على أن يقصلاه كان القصل على كل واحد منهما في قدر شرط الحب ; لأنه بمنزلة شرط الحصاد ( ومنها ) : شرط التبن لمن لا يكون البذر من قبله ، وجملته أن هذا لا يخلو من ثلاثة أوجه : إما أن شرطا أن يكون التبن بينهما وإما أن سكتا عنه وإما أن شرطا أن يكون لأحدهما دون الآخر ، فإن شرطا أن يكون بينهما لا شك أنه يجوز ; لأنه شرط مقرر ، ومقتضى العقد ; لأن الشركة في الخارج من الزرع من معاني هذا العقد على ما مر ، وإن سكتا عنه يفسد عند ، وعند أبي يوسف : لا يفسد ، ويكون لصاحب البذر منهما ذكر محمد أن الطحاوي رجع إلى قول محمدا . أبي يوسف
( وجه ) قول أن ما يستحقه صاحب البذر يستحقه ببذره لا بالشرط فكان شرط التبن ، والسكوت عنه بمنزلة واحدة . محمد
( وجه ) قول : أن كل واحد منهما - أعني الحب والتبن - مقصود من العقد فكان السكوت عن التبن بمنزلة السكوت عن الحب ، وذا مفسد بالإجماع فكذا هذا ، وإن شرطا أن يكون لأحدهما دون الآخر ، فإن شرطاه لصاحب البذر جاز ، ويكون له ، لأن صاحب البذر يستحقه من غير شرط ; لكونه نماء ملكه فالشرط لا يزيده إلا تأكيدا ، وإن شرطاه لمن لا بذر له فسدت المزارعة ; لأن استحقاق صاحب البذر التبن بالبذر لا بالشرط ; لأنه نماء ملكه ، ونماء ملك الإنسان ملكه فصار شرط كون التبن لمن لا بذر من قبله بمنزلة شرط كون الحب له ، وذا مفسد كذا هذا . أبي يوسف
( ومنها ) : أن يشترط صاحب الأرض على المزارع عملا يبقى أثره ومنفعته بعد مدة ، فالمزارعة كبناء الحائط والسرقند واستحداث حفر النهر ورفع المسناة ونحو ذلك مما يبقى أثره ومنفعته إلى ما بعد انقضاء المدة ; لأنه شرط لا يقتضيه العقد .
وأما الكراب فلا يخلو في الأصل من وجهين : أما إن شرطاه في العقد وأما إن سكتا عنه ، فإن سكتا عنه هل يدخل تحت عقد المزارعة حتى يجبر المزارع عليه لو امتنع أو لا ؟ فسنذكره في حكم المزارعة الصحيحة إن شاء الله - تعالى - ، وإن شرطاه في العقد فلا يخلو أيضا من وجهين : إما أن شرطاه مطلقا عن صفة التثنية ، وإما أن شرطاه مقيدا بها ، فإن شرطاه مطلقا عن الصفة قال بعضهم : إنه يفسد العقد ; لأن أثره يبقى إلى ما بعد المدة وقال عامتهم : لا يفسد ، وهو الصحيح ; لأن الكراب بدون التثنية مما يبطل السقي على وجه لا يبقى له أثر ومنفعة بعد المدة فلم يكن شرطه مفسدا للعقد ، وإن شرطاه مع التثنية فسدت المزارعة ; لأن التثنية إما أن تكون عبارة عن الكراب مرتين : مرة للزراعة ومرة بعد الحصاد ; ليرد الأرض على صاحبها مكروبة ، وهذا شرط فاسد لا شك فيه ; لما ذكرنا أنه شرط عمل ليس هو من عمل المزارعة ; لأن الكراب بعد الحصاد ليس من عمل المزارعة في هذه السنة ، وإما أن يكون عبارة عن فعل الكراب مرتين قبل الزراعة ، وإنه عمل يبقى أثره ومنفعته إلى ما بعد المدة ، فكان مفسدا حتى إنه لو كان في موضع لا يبقى لا يفسد كذا قال بعض مشايخنا .
ولو دفع الأرض مزارعة على أنه إن زرعها بغير كراب فللمزارع الربع ، وإن زرعها بكراب فله الثلث ، وإن كربها وثناها فله النصف فهو جائز على ما شرطا كذا ذكر في الأصل ، وهذا مشكل في شرط الكراب مع التثنية ; لأنه شرط مفسد فينبغي أن يفسدها هذا الشرط ، وإذا عمل يكون له أجر مثل عمله ، فأما شرط الكراب وعدمه فصحيح على الشرط المذكور ; لأنه غير مفسد ، وبعضهم صححوا جواب الكتاب ، وفرقوا بين هذا الشرط وبين شرط التثنية بفرق لم يتضح ، وفرع في الأصل فقال : ولو زرع بعض الأرض بكراب وبعضها بغير كراب وبعضها بثنيان فهو جائز ، والشرط بينهما في كل الأرض نافذ على ما شرطا كذا ذكر في الأصل ، وهذا بناء على الأول ; لأنه إن شرط التثنية في كل الأرض عند اختياره ذلك يصح في البعض بالطريق الأولى .