( كتاب الهبة )
الكلام في هذا الكتاب في الأصل في ثلاثة مواضع في وفي بيان شرائط الركن وفي بيان حكم الهبة أما ركن الهبة فهو الإيجاب من الواهب فأما القبول من الموهوب له فليس بركن استحسانا والقياس أن يكون ركنا وهو قول بيان ركن الهبة وفي قول قال القبض أيضا ركن وفائدة هذا الاختلاف تظهر فيمن زفر أنه يحنث استحسانا وعند حلف لا يهب هذا الشيء لفلان فوهبه منه فلم يقبل لا يحنث ما لم يقبل وفي قول ما لم يقبل ويقبض وأجمعوا على أنه إذا حلف لا يبيع هذا الشيء لفلان فباعه فلم يقبل أنه لا يحنث وعلى هذا الخلاف إذا قال رجل لآخر وهبت هذا الشيء منك فلم يقبل فقال المقر له لا بل قبلت فالقول قول المقر عندنا وعنده القول قول المقر له وأجمعوا على أنه لو قال بعت هذا الشيء منك فلم تقبل فقال المقر له لا بل قبلت أن القول قول المقر له . زفر
( وجه ) القياس أن الهبة تصرف شرعي والتصرف الشرعي وجوده شرعا باعتباره وهو انعقاده في حق الحكم والحكم لا يثبت بنفس الإيجاب فلا يكون نفس الإيجاب هبة شرعا لهذا أمكن الإيجاب بدون القبول تبعا كذا هذا .
( وجه ) الاستحسان أن الهبة في اللغة عبارة عن مجرد إيجاب المالك من غير شريطة القبول وإنما القبول والقبض لثبوت حكمها لا لوجودها في نفسها فإذا أوجب فقد أتى بالهبة فترتب عليها الأحكام والدليل على أن وقوع التصرف هبة لا يقف على القبول ما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال { } أطلق اسم الهبة بدون القبض والحيازة وروي أن لا تجوز الهبة إلا مقبوضة محوزة الصعب بن جثامة أهدى إلى النبي عليه الصلاة والسلام حمار وحش وهو بالأبواء وفي رواية بودان فرده النبي عليه الصلاة والسلام وقال { } فقد أطلق الراوي اسم الإهداء بدون القبول والإهداء من ألفاظ الهبة . لولا أنا حرام وإلا لقبلنا
وروي أن سيدنا رضي الله عنه دعى سيدتنا أبا بكر الصديق رضي الله عنها في مرض موته فقال لها إني كنت نحلتك جداد عشرين وسقا من مالي عائشة بالعالية وإنك لم تكوني قبضتيه ولا حرزتيه وإنما هو اليوم مال الوارث أطلق الصديق رضي الله عنه اسم النحلى بدون القبض والنحلى من ألفاظ الهبة فثبت أن الهبة في اللغة عبارة عن نفس إيجاب الملك والأصل أن معنى التصرف الشرعي هو ما دل اللفظ لغة بخلاف البيع فإنه اسم الإيجاب مع القبول فلا يطلق اسم البيع لغة وشريعة على أحدهما دون الآخر فما لم يوجدا لا يتسم التصرف بسمة البيع ولأن المقصود من الهبة هو اكتساب المدح والثناء بإظهار الجود والسخاء وهذا يحصل بدون القبول بخلاف البيع وكذا الغرض من الحلف هو منع النفس عن مباشرة المحلوف عليه وذلك هو الإيجاب لأنه فعل الواهب فيقدر على منع نفسه عنه .
( فأما ) القبول والقبض ففعل الموهوب له فلا يكون مقدور الواهب والملك محكوم شرعي ثبت جبرا من الله تعالى شاء العبد أو أبى فلا يتصور منع النفس عنه أيضا بخلاف البيع فإنه وإن منع نفسه عن فعله وهو الإيجاب إلا أن الإيجاب هناك لا يصير تبعا بدون القبول فشرط القبول ليصير تبعا فالإيجاب هو أن يقول الواهب وهبت هذا الشيء لك أو ملكته منك أو جعلته لك أو هو لك أو أعطيته أو نحلته أو أهديته إليك أو أطعمتك هذا الطعام أو حملتك على هذه الدابة ونوى به الهبة .
( أما ) قوله وهبت لك فصريح في الباب وقوله ملكتك يجرى مجرى الصريح أيضا لأن تمليك العين للحال من [ ص: 116 ] غير عوض هو تفسير الهبة وكذا قوله جعلت هذا الشيء لك وقوله هو لك لأن اللام المضاف إلى من هو أهل للملك للتمليك فكان تمليك العين في الحال من غير عوض وهو معنى الهبة وكذا قوله أعطيتك لأن العطية المضافة إلى العين في عرف الناس هو تمليكها للحال من غير عوض وهذا معنى الهبة وكذا يستعمل الإعطاء استعمال الهبة يقال أعطاك الله كذا ووهبك بمعنى والنحلة هي العطية يقال فلان نحل ولده نحلى أي أعطاه عطية والهبة بمعنى العطية وقوله أطعمتك هذا الطعام في معنى أعطيتك وقوله حملتك على هذه الدابة فإنه يحتمل الهبة ويحتمل العارية فإنه روي أن سيدنا رضي الله عنه حمل رجلا على دابة ثم رآها تباع في السوق فأراد أن يشتريها فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال صلى الله عليه وسلم { عمر بن الخطاب } فاحتمل تمليك العين واحتمل تمليك المنافع فلا بد من النية للتعيين . لا ترجع في صدقتك
فهذا لا يخلو إما أن يكون ذلك الشيء مما يمكن الانتفاع به من غير استهلاك وإما أن يكون مما لا يمكن الانتفاع به إلا باستهلاكه فإن كان مما يمكن الانتفاع به من غير استهلاك كالدار والثوب والدابة والأرض بأن قال هذه الدار لك منحة أو هذا الثوب أو هذه الدابة أو هذه الأرض فهو عارية لأن المنحة في الأصل عبارة عن هبة المنفعة أو ما له حكم المنفعة وقد أضيف إلى ما يمكن الانتفاع به من غير استهلاكه من السكنى واللبس والركوب والزراعة لأن منفعة الأرض زراعتها فكان هذا تمليك المنفعة من غير عوض وهو تفسير الإعارة . ولو قال منحتك هذا الشيء أو قال هذا الشيء لك منحة
وكذا كان عارية لأن عين الأرض مما لا يطعم وإنما يطعم ما يخرج منها فكان طعمة الأرض زراعتها فكان ذلك حينئذ إعارة ولصاحبها أن يأخذها إذا لم يكن فيها زرع وإن كان فيها زرع فالقياس أن يكون له ولاية القلع كالبناء والغرس وفي الاستحسان يترك إلى وقت الحصاد بأجر المثل وسنذكر وجهيها في كتاب العارية إذا قال لأرض بيضاء هذه الأرض لك طعمة وقال هذه الشاة لك منحة أو هذه الناقة أو هذه البقرة كان عارية وجاز له الانتفاع بلبنها لأن اللبن وإن كان عينا حقيقة فهو معدود من المنافع عرفا وعادة فأعطى له حكم المنفعة كأنه أباح له شرب اللبن فيجوز له الانتفاع بلبنها وكذلك لو منحه جديا أو عناقا كان له عارية لأن الجدي بعرض أن يصير فحلا والعناق حلوبا وإن عنى بالمنحة الهبة في هذه المواضع على فهو ما عنى لأنه نوى ما يحتمله لفظه وفيه تشديد على نفسه وإن كان مما لا يمكن الانتفاع به إلا بالاستهلاك كالمأكول والمشروب والدراهم والدنانير بأن . ولو منحه شاة حلوبا أو ناقة حلوبا أو بقرة حلوبا
كان هبة لأن المنحة المضافة إلى ما لا يمكن الانتفاع به إلا بالاستهلاك لا يمكن حملها على هبة المنفعة فيحمل على هبة العين وهي تمليكها وتمليك العين للحال من غير عوض هو تغيير الهبة هذا إذا كان الإيجاب مطلقا عن القرينة فأما إذا كان مقرونا بقرينة فالقرينة لا تخلو . قال هذا الطعام لك منحة أو هذا اللبن أو هذه الدراهم والدنانير
( إما ) إن كان وقتا .
( وإما ) إن كان شرطا .
( وإما ) إن كان منفعة فإن كان وقتا بأن أو صرح فقال جعلت هذه الدار لك عمرى أو قال جعلتها لك عمرك أو قال هي لك عمرك أو حياتك فإذا مت أنت فهي رد علي أو قال جعلتها عمري أو حياتي فإذا مت أنا فهي رد على ورثتي فهذا كله هبة وهي للمعمر له في حياته ولورثته بعد وفاته والتوقيت باطل والأصل فيه ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال { قال أعمرتك هذه الدار } وروى أمسكوا عليكم أموالكم لا تعمروها فإن من أعمر شيئا فإنه لمن أعمره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { جابر بن عبد الله } . أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه فإنها للذي يعطاها لا يرجع إلى الذي أعطاها لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث
وعن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { جابر } فدلت هذه النصوص على جواز الهبة وبطلان التوقيت لأن قوله جعلت هذه الدار لك أو هي لك تمليك العين للحال مطلقا ثم قوله عمرى توقيت التمليك وإنه تغيير لمقتضى العقد وكذا تمليك الأعيان لا يحتمل التوقيت نصا كالبيع فكان التوقيت تصرفا مخالفا لمقتضى العقد والشرع فبطل وبقي العقد صحيحا وإن كانت القرينة شرطا نظر إلى الشرط المقرون فإن كان مما يمنع وقوع التصرف تمليكا للحال يمنع صحة الهبة وإلا فيبطل الشرط وتصح الهبة وعلى هذا يخرج ما من أعمر عمرى حياته فهي له ولعقبه يرثها من يرثه بعده أو صرح فقال [ ص: 117 ] جعلت هذه الدار لك رقبى أو قال هذه الدار لك رقبى ودفعها إليه فهي عارية في يده له أن يأخذها منه متى شاء وهذا قول إذا قال أرقبتك هذه الدار أبي حنيفة . ومحمد
وقال هذا هبة وقوله رقبى باطل احتج بما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز العمرى والرقبى ولأن قوله داري لك تمليك العين لا تمليك المنفعة ولما قال رقبى فقد علقه بالشرط وأنه لا يحتمل التعليق فبطل الشرط وبقي العقد صحيحا ولهذا أبو يوسف أنه تصح الهبة ويبطل شرط المعمر كذا هذا . لو قال داري لك عمرى
واحتجا بما روى الشعبي عن { شريح } ومثلهما لا يكذب ولأن قوله داري لك رقبى تعليق التمليك بالخطر لأن معنى الرقبى أنه يقول إن مت أنا قبلك فهي لك وإن مت أنت قبلي فهي لي سمى الرقبى من الرقوب والارتقاب والترقب وهو الانتظار لأن كل واحد منهما ينتظر موت صاحبه قبل موته وذلك غير معلوم فكانت الرقبى تعليق التمليك بأمر له خطر الوجود والعدم والتمليكات مما لا تحتمل التعليق بالخطر فلم تصح هبة وصحت عارية لأنه دفع إليه وأطلق له الانتفاع به وهذا معنى العارية وهذا بخلاف العمرى لأن هناك وقع التصرف تمليكا للحال فهو بقوله عمرى وقت التمليك أنه لا يحتمل التوقيت فبطل وبقي العقد على الصحة ولا حجة له في الحديث لأن الرقبى تحتمل أن تكون من المراقبة وهي الانتظار ويحتمل أن تكون من الرقاب وهو هبة الرقبة : . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز العمرى وأبطل الرقبى
فإن أريد بها الأول كان حجة وإن أريد بها الثاني لا يكون حجة لأن ذلك جائز فلا يكون حجة مع الاحتمال أو يحمل على الثاني توفيقا بين الحديثين صيانة لكلام من يستحيل عليه التناقض عنه وبهذا تبين أن لا اختلاف بينهم في الحقيقة إن كان الرقبى والإرقاب مستعملين في اللغة في هبة الرقبة وينبغي أن ينوي فإن عنى به هبة الرقبة يجوز بلا خلاف وإن عنى به مراقبة الموت لا يجوز بلا خلاف فهو باطل لأنه لا يدرى أيهما أطول حياة فكان هذا تعليق التمليك بالخطر فبطل ولو قال لرجلين داري لأطولكما حياة فهذا عارية عند ولو قال داري لك حبيس أبي حنيفة وعند ومحمد هو هبة وقوله حبيس باطل بمنزلة الرقبى . أبي يوسف
( وجه ) قوله أن قوله داري لك تمليك وقوله حبيس نفى الملك فلم يصح النفي وبقي التمليك على حاله .
( وجه ) قولهما أن قوله حبيس خرج تفسيرا لقوله لك فصار كأنه ابتدأ بالحبيس فقال داري حبيس لك ولو قال ذلك كان عارية بالإجماع كذا هذا ولو قال داري رقبى لك كان عارية إجماعا ذكره القاضي في شرحه مختصر ولو الطحاوي أو على أن يبيعها لفلان أو على أن يردها عليه بعد شهر جازت الهبة وبطل الشرط لأن هذه الشروط مما لم تمنع وقوع التصرف تمليكا للحال وهي شروط تخالف مقتضى العقد فتبطل ويبقى العقد على الصحة بخلاف شروط الرقبى على ما بينا وبخلاف البيع فإنه تبطله هذه الشروط لأن القياس أن لا يكون قران الشرط الفاسد لعقد ما مفسرا له لأن ذكره في العقد لم يصح فيلحق بالعدم ويبقى العقد صحيحا إلا أن الفساد في البيع للنهي الوارد فيه ولا نهي في الهبة فيبقى الحكم فيه على الأصل ولأن دلائل شرعية الهبة عامة مطلقة من نحو قوله تعالى { وهب جارية على أن يبيعها أو على أن يتخذها أم ولد فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا } وهذا يجري مجرى الترغيب في أكل المهر .
وقوله عليه الصلاة والسلام { } تهادوا تحابوا وروينا عن وهذا ندب إلى التهادي والهدية هبة رضي الله عنه أنه قال لسيدتنا الصديق رضي الله عنها إني كنت نحلتك كذا وكذا وعن سيدنا عائشة رضي الله عنه أنه قال من وهب هبة لصلة رحم أو على وجه صدقة فإنه لا يرجع فيها ومن وهب هبة يرى أنه أراد بها الثواب فهو على هبته يرجع فيها إن لم يرض عنها ونحوه من الدلائل المقتضية لشرعية الهبة من غير فصل بين ما قرن بها شرطا فاسدا أو لم يقرن . عمر
وعلى هذا يخرج ما أن الهبة جائزة في الأم والولد جميعا والاستثناء باطل والكل للموهوب له وجملة الكلام في إذا وهب جارية واستثنى ما في بطنها أو وهب حيوانا واستثنى ما في بطنه قسم منها يبطل ويبطل الاستثناء جميعا وقسم منها يصح ويبطل الاستثناء وقسم منها يصح ويصح الاستثناء . العقود التي فيها استثناء الحمل أنها أقسام ثلاثة
( أما ) الأول فهو البيع والإجارة والكتابة والرهن لأن الاستثناء لما في البطن بمنزلة شرط فاسد وهذه العقود تبطل بالشروط الفاسدة .
( وأما ) القسم الثاني فالهبة والصدقة والنكاح والخلع والصلح عن دم العمد لأن هذه العقود [ ص: 118 ] لا تبطل بالشروط الفاسدة فيصح العقد ويبطل الاستثناء ويدخل الأم والولد جميعا في العقد لأن الشرط الفاسد وهو الاستثناء فيها إذا لم يصلح التحق بالعدم فصار كأنه لم يستثن وكذا العتق بأن أعتق جارية واستثنى ما في بطنها أنه يصح العتق ولا يصح الاستثناء حتى يعتق الأم والولد جميعا لما قلنا .
( وأما ) القسم الثالث فالوصية بأن لأنه لما جعل الجارية وصية له واستثنى ما في بطنها فقد أبقى ما في بطنها ميراثا لورثته والميراث يجرى فيما في البطن وهذا بخلاف ما إذا أوصى لرجل بجارية واستثنى ما في بطنها أنه تصح الوصية ويبطل الاستثناء لأن الغلة والخدمة لا يجرى فيهما الميراث بانفرادهما بدون الأصل ألا ترى أنه لو أوصى بخدمتها وغلتها لإنسان ومات الموصي ثم مات الموصى له بعد القبول لا تصير الغلة والخدمة ميراثا لورثة الموصى له بل تعود إلى ورثة الموصي وبمثله لو أوصى بما في بطن جاريته لإنسان والمسألة بحالها فإن الولد يصير ميراثا لورثة الموصى له وما افترقا إلا لما ذكرنا والله عز وجل أعلم . أوصى بجارية لرجل واستثنى خدمتها وغلتها لورثته
وإن كانت القرينة منفعة بأن أو صدقة سكنى أو هبة سكنى أو سكنى هبة أو هي لك عمرى عارية ودفعها إليه فهذا كله عارية لأنه لما ذكر السكنى في قوله داري لك سكنى أو عمرى سكنى أو صدقة سكنى دل على أنه أراد تمليك المنافع لأن قوله هذا لك ظاهره وإن كان لتمليك العين لكنه يحتمل تمليك المنفعة لأن الإضافة إلى المستعير والمستأجر منفعة عرفا وشرعا وقوله سكنى موضوع للمنفعة لا تستعمل إلا لها فكان محكما فجعل تفسيرا للمحتمل وبيانا أنه أراد به تمليك المنفعة وتمليك المنفعة بغير عوض هو تفسير العارية وكذا قوله سكنى بعد ذكر الهبة يكون تفسيرا للهبة لأن قوله هبة يحتمل هبة العين ويحتمل هبة المنافع . قال داري لك سكنى أو عمرى سكنى
فإذا قال سكنى فقد عين هبة المنافع فكان بيانا لمراد المتكلم أنه أراد هبة المنافع وهبة المنفعة تمليكها من غير عوض وهو معنى العارية وإذا قال سكنى هبة فمعناها أن سكنى الدار هبة لك فكان هبة المنفعة وهو تفسير العارية ولو قال هي لك عمرى تسكنها أو هبة تسكنها أو صدقة تسكنها ودفعها إليه فهو هبة لأنه ما فسر الهبة بالسكنى لأنه لم يجعله نعتا فيكون بيانا للمحتمل بل وهب الدار منه ثم شاوره فيما يعمل بملكه والمشورة في ملك الغير باطلة فتعلقت الهبة بالعين وقوله تسكنها بمنزلة قوله لتسكنها كما إذا قال وهبتها لك لتؤاجرها ولو قال هي لك تسكنها كانت هبة أيضا لأن الإضافة بحرف اللام إلى من هو أهل الملك للتمليك وقوله تسكنها مشورة على ما بينا .