( فصل ) :
وأما شرائط الركن فبعضها يرجع إلى العاقدين ، وهما رب المال والمضارب ، وبعضها يرجع إلى رأس المال ، وبعضها يرجع إلى الربح .
( أما ) ، فأهلية التوكيل والوكالة ; لأن المضارب يتصرف بأمر رب المال ، وهذا معنى التوكيل ، وقد ذكر شرائط أهلية التوكيل والوكالة ، في كتاب الوكالة ولا يشترط إسلامهما فتصح الذي يرجع إلى العاقدين وهما رب المال والمضارب أهل الذمة وبين المسلم ، والذمي والحربي المستأمن حتى لو دخل حربي دار الإسلام بأمان ، فدفع ماله إلى مسلم مضاربة ، أو دفع إليه مسلم ماله مضاربة فهو جائز لأن المستأمن في دارنا بمنزلة الذمي ، والمضاربة مع الذمي مضاربة جائزة ، فكذلك مع الحربي المستأمن ، فإن كان المضارب هو المسلم فدخل دار الحرب بأمان فعمل بالمال فهو جائز ; لأنه دخل دار رب المال فلم يوجد بينهما اختلاف الدارين فصار كأنهما في دار واحدة . المضاربة بين
وإن [ ص: 82 ] كان المضارب هو الحربي ، فرجع إلى داره الحربي ، فإن كان بغير إذن رب المال بطلت المضاربة ، وإن كان بإذنه فذلك جائز ويكون على المضاربة ، ويكون الربح بينهما على ما شرطا إن رجع إلى دار الإسلام مسلما أو معاهدا أو بأمان استحسانا ، والقياس أن تبطل المضاربة .
( وجه ) القياس أنه لما عاد إلى دار الحرب بطل أمانه وعاد إلى حكم الحرب كما كان ، فبطل أمر رب المال عند اختلاف الدارين ، فإذا تصرف فيه فقد تعدى بالتصرف فملك ما تصرف فيه .
( وجه ) الاستحسان أنه لما خرج بأمر رب المال صار كأن رب المال دخل معه .
ولو دخل رب المال معه إلى دار الحرب لم تبطل المضاربة ، فكذا إذا دخل بأمره بخلاف ما إذا دخل بغير أمره ; لأنه لما لم يأذن له بالدخول انقطع حكم رب المال عنه ، فصار تصرفه لنفسه فملك الأمر به وقد قالوا في المسلم إذا دخل دار الحرب بأمان ، فدفع إليه حربي مالا مضاربة مائة درهم ، أنه على قياس قول ومحمد جائز ، فإن اشترى المضارب على هذا وربح أو وضع فالوضيعة على رب المال والربح على ما اشترط ، ويستوفي المضارب مائة درهم والباقي لرب المال ، وإن لم يكن في المال ربح إلا مائة فهي كلها للمضارب ، وإن كان أقل من مائة فذلك للمضارب أيضا ، ولا شيء للمضارب على رب المال ; لأن رب المال لم يشترط المائة إلا من الربح فأما على قول أبي حنيفة فالمضاربة فاسدة ، وللمضارب أجر مثله ، وهذا فرع اختلافهم في جواز الربا في دار الحرب لما علم . أبي يوسف