( أما ) : ( منها ) أن يكون رأس المال من الأثمان المطلقة وهي التي لا تتعين بالتعيين في المفاوضات على كل حال ، وهي الدراهم والدنانير ، عنانا كانت الشركة أو مفاوضة عند عامة العلماء ، فلا تصح الشركة في العروض ، وقال الشركة بالأموال فلها شروط رحمه الله : هذا ليس بشرط وتصح الشركة في العروض ، والصحيح قول العامة ; لأن معنى الوكالة من لوازم الشركة ، والوكالة التي يتضمنها الشركة لا تصح في العروض ، وتصح في الدراهم ، والدنانير . مالك
فإن من قال لغيره : بع عرضك على أن يكون ثمنه بيننا لا يجوز وإذا لم تجز الوكالة التي هي من ضرورات الشركة لم تجز الشركة .
ولو قال له : اشتر بألف درهم من مالك على أن يكون ما اشتريته بيننا جاز ولأن الشركة في العروض تؤدي إلى جهالة الربح عند القسمة ; لأن رأس المال يكون قيمة العروض لا عينها ، والقيمة مجهولة ; لأنها تعرف بالحزر ، والظن فيصير الربح مجهولا ; فيؤدي إلى المنازعة عند القسمة وهذا المعنى لا يوجد في الدراهم والدنانير ; لأن رأس المال من الدراهم والدنانير عند القسمة عينها ، فلا يؤدي إلى جهالة الربح ; ولأن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن ربح ما لم يضمن والشركة في العروض تؤدي إلى ربح ما لم يضمن ; لأن العروض غير مضمونة بالهلاك فإن من اشترى شيئا بعرض بعينه ، فهلك العرض قبل التسليم ، لا يضمن شيئا آخر ; لأن العروض تتعين بالتعيين فيبطل البيع فإذا لم تكن مضمونة ، فالشركة فيها تؤدي إلى ربح ما لم يضمن ، وأنه منهي بخلاف الدراهم والدنانير ، فإنها مضمونة بالهلاك ; لأنها لا تتعين بالتعيين فالشركة فيها لا تؤدي إلى ربح ما لم يضمن بل يكون ربح ما ضمن والحيلة في جواز الشركة في العروض وكل ما يتعين بالتعيين أن يبيع كل واحد منهما نصف ماله بنصف مال صاحبه ، حتى يصير مال كل واحد منهما نصفين ، وتحصل شركة ملك بينهما ، ثم يعقدان بعد ذلك عقد الشركة ، فتجوز بلا خلاف ولو كان من أحدهما دراهم ، ومن الآخر عروض ، فالحيلة في جوازه : أن يبيع صاحب العروض نصف عرضه بنصف دراهم صاحبه ، ويتقابضا ، ويخلطا جميعا حتى تصير الدراهم بينهما ، والعروض بينهما ، ثم يعقدان عليهما عقد الشركة فيجوز .
وأما ذكر في كتاب الشركة وجعله كالعروض وفي كتاب الصرف جعله كالأثمان المطلقة ; لأنه قال فيه : إذا اشترى به فهلك لا ينفسخ العقد ، والأمر فيه موكول إلى تعامل الناس ، فإن كانوا يتعاملون به فحكمه حكم الأثمان المطلقة ، فتجوز الشركة بها وإن كانوا لا يتعاملون بها فحكمها حكم العروض ، ولا تجوز فيها الشركة . التبر فهل يصلح رأس مال الشركة ؟
( وأما ) الفلوس : فإن كانت كاسدة فلا تجوز الشركة ، ولا المضاربة بها ; لأنها عروض وإن كانت نافقة : فكذلك في الرواية المشهورة عن ، أبي حنيفة وعند وأبي يوسف تجوز والكلام فيها مبني على أصل وهو أن الفلوس الرائجة ليست أثمانا على كل حال عند محمد ، أبي حنيفة ; لأنها تتعين بالتعيين في الجملة ، وتصير مبيعا بإصلاح العاقدين حتى جاز بيع الفلس بالفلسين بأعيانها عندهما ، فأما إذا لم تكن أثمانا مطلقة ; لاحتمالها التعيين بالتعيين في الجملة في عقود المعاوضات ، لم تصلح رأس مال الشركة كسائر العروض وعند وأبي يوسف الثمنية لازمة للفلوس النافقة ، فكانت من الأثمان المطلقة ، ولهذا أبى جواز بيع الواحد منها باثنين ، فتصلح رأس مال الشركة كسائر الأثمان المطلقة من الدراهم ، والدنانير . محمد
وروي عن : أنه تجوز الشركة بالفلوس ، ولا تجوز المضاربة ووجهه : أن المانع من جواز المضاربة جهالة الربح عند القسمة على تقدير الكساد ; لأنه لا بد من تعيين رأس المال عند القسمة فإذا كسدت صار رأس المال قيمة ، والقيمة مجهولة ; لأنها تعرف بالحزر والظن وهذا المعنى لا يوجد [ ص: 60 ] في الشركة ; لأنهما عند الكساد يأخذان رأس المال عددا لا قيمة ، فكان الربح معلوما . أبي يوسف