( ومنها ) : أن ، يرجع بما قضى على الموكل ; لأن الآمر بقضاء الدين من مال غيره استقراض منه ، والمقرض يرجع على المستقرض بما أقرضه . الوكيل بقضاء الدين إذا لم يدفع الموكل إليه مالا ليقضي دينه منه فقضاه من [ ص: 37 ] مال نفسه
وكذلك الوكيل بالشراء من غير دفع الثمن إلى الوكيل توكيل بقضاء الدين وهو الثمن والوكيل بقضاء الدين : إذا قضى من مال نفسه ، يرجع على الموكل .
فكذا الوكيل بالشراء ، وله أن يحبس المبيع ; لاستيفاء الثمن من الموكل عند أصحابنا الثلاثة ، وعند : ليس له حبسه . زفر
( وجه ) قوله أن المبيع أمانة في يد الوكيل ، ألا ترى أنه لو هلك في يده فالهلاك على الموكل حتى لا يسقط الثمن عنه وليس للأمين حبس الأمانة بعد طلب أهلها ، قال الله - تعالى - : { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } فصار كالوديعة .
( ولنا ) أنه عاقد وجب الثمن له على من وقع له حكم البيع - ضمانا للمبيع ، فكان له حق حبس المبيع ; لاستيفاء الثمن ، كالبائع مع المشتري - وإذا طلب منه الموكل ، فحبسه حتى هلك كان مضمونا عليه بلا خلاف بين أصحابنا .
لكنهم اختلفوا في كيفية الضمان ، قال أبو حنيفة : يكون مضمونا ضمان البيع . ومحمد
وقال : يكون مضمونا ضمان الرهن . أبو يوسف
وقال : يكون مضمونا ضمان الغصب . زفر
( وجه ) قول ما ذكرنا أن المبيع أمانة في يده ، والأمين لا يملك حبس الأمانة عن صاحبها ، فإذا حبسها فقد صار غاصبا ، والمغصوب مضمون بقدره من المثل أو بالقيمة بالغا ما بلغ . زفر
( وجه ) قول أن هذه عين محبوسة بدين يسقط بهلاكها فكانت مضمونة بالأقل من قيمتها ومن الدين كالرهن . أبي يوسف
( وجه ) قولهما أن هذه عين محبوسة بدين هو ثمن ، فكانت مضمونة ضمان البيع ، كالمبيع في يد البائع ، وكذلك الوكيل بالبيع ; إذا باع ، وسلم ، وقبض الثمن ، ثم استحق المبيع في يد المشتري ; فإنه يرجع بالثمن على الوكيل ; فيأخذ عينه إن كان قائما ، ومثله أو قيمته إن كان هالكا ، والله - عز وجل - أعلم .