( والثاني ) : وهو أن يصير الأصل مقيما فيصير التبع أيضا مقيما بإقامة الأصل ، كالعبد يصير مقيما بإقامة مولاه ، والمرأة بإقامة زوجها ، والجيش بإقامة الأمير ونحو ذلك ; لأن الحكم في التبع ثبت بعلة الأصل ولا تراعى له علة على حدة لما فيه من جعل التبع أصلا وأنه قلب الحقيقة ( وأما ) وجود الإقامة بطريق التبعية : فهو على التفصيل الذي ذكرنا في السفر أنه إن كان المديون مليا فالمعتبر نيته ولا يصير تبعا لصاحب الدين ; لأنه يمكنه تخليص نفسه بقضاء الدين ، وإن كان مفلسا فالمعتبر نية صاحب الدين ; لأن له حق ملازمته فلا يمكنه أن يفارق صاحب الدين ، فكانت نيته لغوا لعدم الفائدة ، ثم في هذه الفصول إنما يصير التبع مقيما بإقامة الأصل وتنقلب صلاته أربعا إذا علم التبع بنية إقامة الأصل ، فأما إذا لم يعلم فلا ، حتى لو الغريم مع صاحب الدين فإن صلاته جائزة ، ولا يجب عليه إعادتها . صلى التبع صلاة المسافرين قبل العلم بنية إقامة الأصل
وقال بعض أصحابنا : إن عليه الإعادة وإنه غير سديد ; لأن في اللزوم بدون العلم به ضررا في حقه وحرجا ، ولهذا لم يصح كذا هذا ، وعلى هذا يبنى أيضا اقتداء المسافر بالمقيم في الوقت أنه يصح ، وينقلب فرضه أربعا عند عامة العلماء . عزل الوكيل بدون العلم به
وقال بعض الناس لا ينقلب وقال : إن مالك ينقلب فرضه أربعا وإن أدرك ما دون الركعة لا ينقلب بأن اقتدى به في السجدة الأخيرة أو بعد ما رفع رأسه منها ، والصحيح : قول العامة ; لأنه لما اقتدى به صار تبعا له ; لأن متابعته واجبة عليه . أدرك مع الإمام ركعة فصاعدا
قال صلى الله عليه وسلم { } والأداء " أعني الصلاة في الوقت " مما يحتمل التغيير إلى الكمال إذا وجد دليل التغيير ، ألا ترى أنه تتغير نية الإقامة في الوقت ؟ وقد وجد ههنا دليل التغيير " وهو التبعية " ، فيتغير فرضه أربعا فصار صلاة المقتدي مثل صلاة الإمام فصح اقتداؤه به بخلاف ما إذا اقتدى به خارج الوقت حيث لا يصح ; لأن الصلاة خارج الوقت من باب القضاء وأنه خلف عن الأداء ، والأداء لم يتغير لعدم دليل التغيير فلا يتغير القضاء ، ألا ترى أنه لا يتغير بنية الإقامة بعد خروج الوقت وإذا لم يتغير فرضه بالاقتداء بقيت صلاته ركعتين ، والقعدة فرض في حقه نفل في حق الإمام فلو صح الاقتداء كان هذا اقتداء المفترض بالمتنفل في حق القعدة ، وكما لا يجوز اقتداء المفترض بالمتنفل في جميع الصلاة لا يجوز في ركن منها ، وما ذكره : إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه غير سديد ; لأن الصلاة مما لا يتجزأ فوجود المغير في جزئها كوجوده في كلها ، ولو أن مقيما صلى ركعتين بقراءة فلما قام إلى الثالثة جاء مسافر واقتدى به بعد خروج الوقت لا يصح لما بينا أن فرض المسافر تقرر ركعتين بخروج الوقت ، والقراءة فرض عليه في الركعتين نفل في حق المقيم في الأخيرتين فيكون اقتداء المفترض بالمتنفل في حق القراءة فإن صلاهما بغير قراءة والمسألة بحالها ففيه روايتان ( وأما ) مالك فيصح في الوقت وخارج الوقت ; لأن صلاة المسافر في الحالتين واحدة ، والقعدة فرض في حقه نفل في حق المقتدي اقتداء المقيم بالمسافر جائز في كل صلاة فكذا في بعضها فهو الفرق ، ثم إذا سلم الإمام على رأس الركعتين لا يسلم المقيم ; لأنه قد بقي عليه شرط الصلاة فلو سلم لفسدت صلاته ، ولكنه يقوم ويتمها أربعا لقوله صلى الله عليه وسلم أتموا يا أهل ، واقتداء المتنفل بالمفترض مكة فإنا قوم سفر وينبغي للإمام المسافر إذا سلم أن يقول للمقيمين [ ص: 102 ] خلفه " أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر " اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم أي : لا يجب عليه ; لأنه شفع أخير في حقه ، ومن مشايخنا من قال : ذكر في الأصل ما يدل على وجوب القراءة فإنه قال : إذا سها يلزمه سجود السهو . ولا قراءة على المقتدي في بقية صلاته إذا كان مدركا
والاستدلال به إلى العكس أولى ; لأنه ألحقه بالمنفرد في حق السهو فكذا في حق القراءة ، ولا قراءة على المنفرد في الشفع الأخير ، ثم المقيمون بعد تسليم الإمام يصلون وحدانا ، ولو اقتدى بعضهم ببعض فصلاة الإمام منهم تامة وصلاة المقتدين فاسدة ; لأنهم اقتدوا في موضع يجب عليهم الانفراد ، ولو ينظر إن لم يقيد هذا المقيم ركعته بالسجدة رفض ذلك وتابع إمامه حتى لو لم يرفض وسجد فسدت صلاته ; لأن صلاته صارت أربعا تبعا لإمامه ; لأنه ما لم يقيد الركعة بالسجدة لا يخرج عن صلاة الإمام ولا يعتد بذلك القيام والركوع ; لأنه وجد على وجه النفل فلا ينوب عن الفرض ، ولو قيد ركعته بالسجدة ثم نوى الإمام الإقامة أتم صلاته ولا يتابع الإمام حتى لو رفض ذلك وتابع الإمام فسدت صلاته ; لأنه اقتدى في موضع يجب عليه الانفراد - والله أعلم - . قام المقيم إلى إتمام صلاته ثم نوى الإمام الإقامة قبل التسليم