( فصل ) :
وأما ، فلا حكم له قبل الدخول ، وأما بعد الدخول ، فيتعلق به أحكام منها ثبوت النسب ومنها وجوب العدة ، وهو حكم الدخول في الحقيقة ومنها وجوب المهر . النكاح الفاسد
والأصل فيه أن النكاح الفاسد ليس بنكاح حقيقة لانعدام محله أعني محل حكمه ، وهو الملك ; لأن الملك يثبت في المنافع ، ومنافع البضع ملحقة بالأجزاء ، والحر بجميع أجزائه ليس محلا للملك ; لأن الحرية خلوص ، والملك ينافي الخلوص ; ولأن الملك في الآدمي لا يثبت إلا بالرق ، والحرية تنافي الرق إلا أن الشرع أسقط اعتبار المنافي في النكاح الصحيح لحاجة الناس إلى ذلك ، وفي النكاح الفاسد بعد الدخول لحاجة الناكح إلى درء الحد وصيانة مائه عن الضياع بثبات النسب ووجوب العدة وصيانة البضع المحترم عن الاستعمال من غير غرامة ، ولا عقوبة توجب المهر ، فجعل منعقدا في حق المنافع المستوفاة لهذه الضرورة ، ولا ضرورة قبل استيفاء المنافع ، وهو ما قبل الدخول ، فلا يجعل منعقدا قبله ، ثم الدليل على وجوب مهر المثل بعد الدخول ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { } جعل صلى الله عليه وسلم لها مهر المثل فيما له حكم النكاح الفاسد ، وعلقه بالدخول ، فدل أن وجوبه متعلق به ، ثم اختلف في أيما امرأة أنكحت نفسها بغير إذن مواليها ، فنكاحها باطل ، فإن دخل بها ، فلها مهر مثلها ، وهو المسمى بالعقر قال أصحابنا الثلاثة : لا يجب الأقل من مهر مثلها ومن المسمى . تقدير هذا المهر
وقال : يجب مهر المثل بالغا ما بلغ . زفر
وكذا هذا الخلاف في . الإجارة الفاسدة
( وجه ) قول أن المنافع تتقوم بالعقد الصحيح والفاسد جميعا كالأعيان ، فيلزم إظهار أثر التقوم ، وذلك بإيجاب مهر المثل بالغا ما بلغ ; لأنه قيمة منافع البضع ، وإنما العدول إلى المسمى عند صحة التسمية ، ولم تصح ; لهذا المعنى أوجبنا كمال القيمة في العقد الفاسد كذا ههنا . زفر
( ولنا ) أن العاقدين ما قوما المنافع بأكثر من المسمى ، فلا تتقوم بأكثر من المسمى ، فحصلت الزيادة مستوفاة من غير عقد ، فلم تكن لها قيمة إلا أن مهر المثل إذا كان أقل من المسمى لا يبلغ به المسمى ; لأنها رضيت بذلك القدر لرضاها بمهر مثلها ، واختلف أيضا في أنها من أي وقت تعتبر قال أصحابنا الثلاثة : إنها تجب من حين يفرق بينهما . وقت وجوب العدة
وقال : من آخر وطء وطئها حتى لو كانت قد حاضت ثلاث حيض بعد آخر وطء وطئها قبل التفريق ، فقد انقضت عدتها عنده ( وجه ) قوله أن العدة تجب بالوطء ; لأنها تجب لاستبراء الرحم ، وذلك حكم الوطء ألا ترى أنها لا تجب قبل الوطء ، وإذا كان وجوبها بالوطء تجب عقيب الوطء بلا فصل كأحكام سائر العلل . زفر
( ولنا ) أن النكاح الفاسد بعد الوطء منعقد في حق الفراش لما بينا ، والفراش لا يزول قبل التفريق بدليل أنه لو وطئها قبل التفريق لا حد عليه ، ولا يجب عليه بتكرار الوطء إلا مهر واحد .
ولو وطئها بعد التفريق يلزمه الحد ، ولو دخلته شبهة حتى امتنع وجوب الحد يلزمه مهر آخر ، فكان التفريق في النكاح الفاسد بمنزلة الطلاق في النكاح الصحيح ، فيعتبر ابتداء العدة منه كما تعتبر من وقت الطلاق في النكاح الصحيح والخلوة في النكاح الفاسد لا توجب العدة ; لأنه ليس بنكاح حقيقة إلا أنه ألحق بالنكاح في حق المنافع المستوفاة حقيقة مع قيام المنافع لحاجة الناكح إلى ذلك ، فيبقى في حق غير المستوفى على أصل العدم ، ولم يوجد استيفاء المنافع حقيقة بالخلوة ; ولأن الموجب للعدة في الحقيقة هو الوطء ; لأنها تجب لتعرف براءة الرحم ، ولم يوجد حقيقة إلا أنا أقمنا التمكين من الوطء في النكاح الصحيح مقامه في حق حكم يحتاط فيه لوجود دليل التمكن ، وهو الملك المطلق ، ولم يوجد ههنا بخلاف أنها توجب العدة إذا كان متمكنا من الوطء حقيقة ، وإن كان ممنوعا عنه شرعا بسبب الحيض أو الإحرام أو الصوم أو نحو ذلك ; لأن هناك دليل الإطلاق شرعا موجود وهو الملك المطلق إلا أنه منع منه لغيره ، فكان التمكن ثابتا ، ودليله موجود ، فيقام مقام المدلول في موضع الاحتياط ، وههنا بخلافه ، ولا يوجب المهر أيضا ; لأنه لما لم يجب بها العدة ، فالمهر أولى ; لأن العدة يحتاط في وجوبها ، ولا يحتاط في وجوب المهر . الخلوة الفاسدة في النكاح الصحيح