( فصل ) :
وأما الثالث في بيان ، فما تعتبر فيه الكفاءة أشياء . ما تعتبر فيه الكفاءة
منها النسب ، والأصل فيه قول النبي [ ص: 319 ] صلى الله عليه وسلم { قريش بعضهم أكفاء لبعض ، والعرب بعضهم أكفاء لبعض ، حي بحي ، وقبيلة بقبيلة ، والموالي بعضهم أكفاء لبعض ، رجل برجل } ; لأن التفاخر ، والتعيير يقعان بالأنساب ، فتلحق النقيصة بدناءة النسب ، فتعتبر فيه الكفاءة ، فقريش بعضهم أكفاء لبعض على اختلاف قبائلهم حتى يكون القرشي الذي ليس بهاشمي كالتيمي ، والأموي والعدوي ، ونحو ذلك كفئا للهاشمي لقوله صلى الله عليه وسلم { قريش بعضهم أكفاء لبعض } ، وقريش تشتمل على بني هاشم ، والعرب بعضهم أكفاء لبعض بالنص ، ولا تكون العرب كفئا لقريش لفضيلة قريش على سائر العرب ، ولذلك اختصت الإمامة بهم قال النبي : صلى الله عليه وسلم { قريش } بخلاف القرشي أنه يصلح كفئا للهاشمي ، وإن كان للهاشمي من الفضيلة ما ليس للقرشي لكن الشرع أسقط اعتبار تلك الفضيلة في باب النكاح عرفنا ذلك بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع الصحابة رضي الله عنهم ، فإنه روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج ابنته من الأئمة من عثمان رضي الله عنه وكان أمويا لا هاشميا ، وزوج رضي الله عنه ابنته من علي رضي الله عنه ولم يكن هاشميا بل عدويا ، فدل أن الكفاءة في عمر قريش لا تختص ببطن دون بطن ، واستثنى رضي الله عنه بيت الخلافة ، فلم يجعل القرشي الذي ليس بهاشمي كفئا له ، ولا تكون الموالي أكفاء محمد للعرب لفضل العرب على العجم ، والموالي بعضهم أكفاء لبعض بالنص ، وموالي العرب أكفاء لموالي قريش لعموم قوله { } ، ثم مفاخرة ، والموالي بعضهم أكفاء لبعض رجل برجل العجم بالإسلام لا بالنسب .
ومن له أب واحد في الإسلام لا يكون كفئا لمن له آباء كثيرة في الإسلام ; لأن تمام التعريف بالجد ، والزيادة على ذلك لا نهاية لها ، وقيل هذا إذا كان في موضع قد طال عهد الإسلام وامتد .
فأما إذا كان في موضع كان عهد الإسلام قريبا بحيث لا يعير بذلك ، ولا يعد عيبا يكون بعضهم كفئا لبعضهم ; لأن التعيير إذا لم يجبر بذلك ، ولم يعد عيبا لم يلحق الشين والنقيصة ، فلا يتحقق الضرر .