( وأما ) فما ذكرنا في الحج إلا الوقت ، فإن السنة كلها شرائط الركن ، وتجوز في غير أشهر الحج وفي أشهر الحج لكنه يكره فعلها في يوم وقت العمرة عرفة ويوم النحر وأيام التشريق .
أما الجواز في الأوقات كلها فلقوله تعالى { وأتموا الحج والعمرة لله } مطلقا عن الوقت وقد روي عن رضي الله عنها أنها قالت { عائشة } وعن ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة إلا شهدتها وما اعتمر إلا في ذي القعدة رضي الله عنه { عمران بن حصين } فدل الحديثان على أن جوازها في أشهر الحج وما روي عن أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر مع طائفة من أهله في عشر ذي الحجة رضي الله عنه أنه كان ينهى عنها في أشهر الحج فهو محمول على نهي الشفقة على أهل عمر الحرم لئلا يكون الموسم في وقت واحد من السنة بل في وقتين لتوسع المعيشة على أهل الحرم إلا أنه يكره في الأيام الخمسة عندنا في ظاهر الرواية ، وروي عن أنه لا يكره يوم أبي يوسف عرفة قبل الزوال .
وقال : لا يكره في هذه الأيام أيضا ، واحتج بما تلونا من هذه الآية وبما روينا من الحديثين ; لأنه دخل يوم الشافعي عرفة ويوم النحر فيها ( وجه ) رواية ، أن ما قبل الزوال من يوم أبي يوسف عرفة ليس وقت الوقوف ، فلا يشغله عن الوقوف في وقته ، ولنا ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( وقت العمرة السنة كلها إلا يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق ) والظاهر أنها قالت سماعا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ; لأنه باب لا يدرك بالاجتهاد ، ولأن هذه الأيام أيام شغل الحاج بأداء الحج ، والعمرة فيها تشغلهم عن ذلك وربما يقع الخلل فيه فيكره ، ولا حجة له فيما ذكر ; لأن ذلك يدل على الجواز وبه نقول ، وإنما الكلام في الكراهة والجواز لا ينفيها ، وقد قام دليل الكراهة وهو ما ذكرنا .
وكذا يختلفان في الميقات في حق أهل مكة فميقاتهم للحج من دويرة أهلهم ، وللعمرة من الحل التنعيم أو غيره ، ومحظورات العمرة ما هو محظورات الحج ، وحكم ارتكابها في العمرة ما هو الحكم في الحج ، وقد مضى بيان ذلك كله في الحج .