فأما إذا كان قارنا فإن كان قبل الوقوف وقبل الطواف للعمرة أو قبل الكثرة فسدت عمرته وحجته ، وعليه دمان لكل واحد منهما شاة ، وعليه المضي فيهما وإتمامهما على الفساد وعليه قضاؤهما ويسقط عنه دم القران . ، فالقارن إذا جامع
أما فساد العمرة فلوجود الجماع قبل الطواف وأنه مفسد للعمرة كما في حال الانفراد .
وأما فساد الحجة ; فلحصول الجماع قبل الوقوف بعرفة وأنه مفسد للحج كما في حال الانفراد ، وأما وجوب الدمين فلأن القارن محرم بإحرامين عندنا ، فالجماع حصل جناية على إحرامين فأوجب نقصا في العبادتين فيوجب كفارتين كالمقيم إذا جامع في رمضان .
وأما لزوم المضي فيهما فلما ذكرنا أن وجوب الإحرام عقد لازم ، وأما وجوب قضائهما ; فلإفسادهما فيقتضي عمرة مكان عمرة وحجة ، مكان حجة وأما سقوط دم القران عنه ; فلأنه أفسدهما ، والأصل أن القارن إذا فسد حجه وعمرته أو أفسد أحدهما يسقط عنه دم القران ; لأن وجوبه ثبت شكرا ، لنعمة الجمع بين القربتين وبالفساد بطل معنى القربة فسقط الشكر بعرفة فسدت حجته ولا تفسد عمرته أما فساد حجته فلما ذكرنا وهو حصول الجماع قبل الوقوف ولو جامع بعد ما طاف لعمرته أو طاف أكثره - وهو أربعة أشواط - أو بعد ما طاف لها وسعى قبل الوقوف بعرفة .
وأما عدم فساد عمرته فلحصول الجماع بعد وقوع الفراغ من ركنها فلا يوجب فسادها كما في حال الانفراد ، وعليه دمان : أحدهما لفساد الحجة بالجماع والآخر لوجود الجماع في إحرام العمرة ; لأن إحرام العمرة باق عليه ، وعليه المضي فيهما وإتمامهما لما ذكرنا ، وعليه قضاء الحج دون العمرة ; لأن الحجة هي التي فسدت دون العمرة ، ويسقط عنه دم القران ; لأنه فسد أحدهما وهو الحج بعرفة فلا يفسد حجه ولا عمرته أما عدم فساد الحج ; فلأن الجماع وجد بعد الوقوف ولو جامع بعد طواف العمرة وبعد الوقوف بعرفة وإنه لا يفسد الحج .
وأما عدم فساد العمرة ; فلأنه جامع بعد الفراغ من ركن العمرة ، وعليه إتمامها لأنه لما وجب إتمامها على الفساد فعلى الصحة ، والجواز أولى وعليه بدنة وشاة ، البدنة لأجل الجماع بعد الوقوف ، والشاة لأن الإحرام للعمرة باق ، والجماع في إحرام العمرة يوجب الشاة وههنا لا يسقط عنه دم القران ; لأنه لم يوجد فساد الحج والعمرة ولا فساد أحدهما ، فأمكن إيجاب الدم شكرا ، فإن جامع مرة بعد أخرى فهو على ما ذكرنا من التفصيل في المفرد بالحج أنه إن كان في مجلس واحد فلا يجب عليه غير ذلك ، وإن كان في مجلس آخر ، فعليه دمان على الاختلاف الذي ذكرنا .
فعليه بدنة وشاة ; لأن القارن يتحلل من الإحرامين معا ولم يحل له النساء بعد إحرام الحجة فكذا في إحرام العمرة كما يقع له التحلل من غير النساء بالحلق فيهما جميعا فإن جامع أول مرة بعد الحلق قبل الطواف للزيارة ، فلا شيء عليه لأنه قد حل له النساء فلم يبق له الإحرام رأسا إلا إذا طاف طواف الزيارة قبل الحلق والتقصير ، فعليه شاتان لبقاء الإحرام لهما جميعا وروى ولو جامع بعد ما طاف طواف الزيارة كله أو أكثره عن ابن سماعة في الرقيات محمد قال فيمن طاف طواف الزيارة جنبا أو على غير وضوء وطاف أربعة أشواط طاهرا ، ثم جامع النساء قبل أن يعيده : أما في القياس فلا شيء ولكن محمد استحسن فيما إذا طاف جنبا ثم جامع ثم أعاده طاهرا أنه يوجب عليه دما وكذا قول أبا حنيفة وقولنا : ( وجه ) القياس أنه قد صح من مذهب أصحابنا أن الطهارة ليست بشرط لجواز الطواف ، وإذا لم تكن شرطا فقد وقع التحلل بطوافه ، والجماع بعد التحلل من الإحرام لا يوجب الكفارة ( وجه ) الاستحسان أنه إذا أعاده - وهو طاهر - فقد انفسخ الطواف الأول على طريق بعض مشايخ أبي يوسف العراق وصار طوافه المعتبر هو الثاني ; لأن الجناية توجب نقصانا فاحشا فتبين أن الجماع كان حاصلا قبل الطواف فيوجب الكفارة بخلاف ما إذا طاف على غير وضوء ; لأن النقصان هناك يسير فلم ينفسخ الأول فبقي جماعه بعد التحلل ، فلا يوجب الكفارة .
وذكر عن ابن سماعة في الرقيات فيمن محمد أنه تفسد العمرة ، وعليه [ ص: 220 ] عمرة مكانها وعليه في الحج بدنة ; لأن الركن في الطواف أكثر - الأشواط وهو أربعة - فإذا طاف في جوف الحجر فلم يأت بأكثر الأشواط فحصل الجماع قبل الطواف ، وروى طاف أربعة أشواط من طواف الزيارة في جوف الحجر ، أو فعل ذلك في طواف العمرة ثم جامع عن ابن سماعة فيمن محمد أنه يمضي على إحرامه وعليه دم للجماع ، والقضاء للفوات أما وجوب المضي فلبقاء الإحرام وأما وجوب الدم بالجماع فلوجود الجماع في الإحرام وليس عليه قضاء العمرة ; لأن هذا تحلل بمثل أفعال العمرة ، وليس بعمرة بل هو بقية أفعال حج قد وجب قضاؤه بخلاف العمرة المبتدأة ، والله أعلم . فاته الحج فجامع