إن هذا القياس في كل فن عند أهل العقول كالميزان من تحلى بغير ما هو فيه
فضحته شواهد الامتحان وجرى في السباق جري سكيت
خلفته الجياد يوم الرهان "
[ ص: 403 ] وإذا سئل عمن قال : أنا أصدق من أو عمن قال : الصلاة لعب وعبث ، أو قال لقصيدة بعض الشعراء : أحسن من القرآن ، فيجب أن لا يبادر المفتي بأن يقول : هذا حلال الدم ، أو مباح النفس ، أو عليه القتل ، بل يقول : إذا صح ذلك إما بالبينة أو بالإقرار استتابه السلطان ، فإن تاب قبل توبته ، وإن لم يتب أنزل به كذا وكذا ، وبالغ في ذلك وأشبعه . محمد بن عبد الله ،
فإن سئل عمن قال : كذا وكذا ، مما يحتمل أمورا لا يكون ببعضها كافرا ، فينبغي للمفتي أن يقول : يسأل هذا القائل عما أراد بما قال فإن أراد كذا فالجواب كذا ، وإن أراد كذا فالجواب كذا .
وإن سئل عمن قتل إنسانا ، أو فقأ عينه ، فيجب أن يتحرز في جوابه ، ويحتاط فيما يطلق به خطه بذكر سائر الشروط التي بها يجب القود ، وبحصول جميعها يتم القصاص .
فإن سئل عمن أتى ما يوجب التعزير والأدب ، ذكر قدر ما يعزره السلطان ، فيقول : يضربه ما بين كذا إلى كذا ، ولا يجاوز به كذا خوفا من أن يطلق القول في ذلك فيضربه السلطان بفتواه ما لا يجوز ضربه .
وإذا رفعت إليه رقعة الاستغناء فوجد فيها فتوى فقيه قد سئل قبله ، فإن كانت الفتوى موافقة لما عنده ، كتب تحت خط الفقيه هذا [ ص: 404 ] جواب صحيح وبه أقول - أو كتب - جوابي مثل هذا ، وإن شاء ذكر الحكم بعبارة ألخص من عبارة الفقيه .
وإن كان الذي عنده من الحكم خلاف ما أفتى به الفقيه قبله ذكر ما عنده ، ولم يبال بخلاف ما خالفه فيه ، فقد :