باب من خبر مبعثه صلى الله عليه وسلم
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن بكر بن محمد بن عبد الرزاق التمار: قال: حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني، قال: حدثنا محمود بن خالد الدمشقي، قال: حدثنا عمر بن عبد الواحد، عن قال: حدثنا الأوزاعي، قال: يحيى بن أبي كثير،
أي القرآن أنزل أول؟ فقال: سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن: أي القرآن أنزل قبل: ( جابر بن عبد الله; يا أيها المدثر ) أو ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) ؟ فقال جابر: ألا أحدثكم بما حدثني به رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني جاورت بحراء شهرا فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت بطن الوادي، فنوديت، فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وشمالي فلم أر شيئا، ثم نظرت إلى السماء، فإذا هو [ ص: 29 ] على العرش في الهواء، فأخذتني رجفة، فأتيت ، فأمرتهم فدثروني، ثم صبوا علي الماء، فأنزل الله عز وجل: ( خديجة يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر ) سألت .
حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا قال: حدثنا محمد بن بكر، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، قال: حدثني محمد بن عبد الله عن إسرائيل عن سماك بن حرب عن عكرمة، قال: أتى نفر من ابن عباس، قريش امرأة كاهنة، فقالوا: أخبرينا بأقربنا شبها بصاحب هذا المقام، قالت: إن جررتم على السهلة عباءة ومشيتم عليها أنبأتكم بأقربكم منه شبها، فجروا عليها عباءة، ثم مشوا عليها، فرأت أثر قدم محمد صلى الله عليه وسلم، فقالت: هذا والله أقربكم شبها، قال رضي الله عنهما: فمكثوا بعد ذلك عشرين سنة، ثم بعث ابن عباس محمد صلى الله عليه وسلم.
حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا قال: حدثنا محمد بن بكر، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا أبو داود الطيالسي، سليمان بن معاذ الضبي، عن عن سماك بن حرب، قال: [ ص: 30 ] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: جابر بن سمرة، بمكة لحجرا يسلم علي ليالي بعثت، إني لأعرفه الآن، وسنفرد لأعلام نبوته كتابا إن شاء الله. إن
حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا قال: حدثنا محمد بن بكر بن داسة، قال: حدثنا أبو داود، إبراهيم بن الحسن الخثعمي، قال: حدثنا حجاج، قال: [ قال ] حدثنا : أخبرني ابن جريج أنه سمع عمرو بن دينار يقول: جابر بن عبد الله عباس والنبي صلى الله عليه وسلم ينقلان الحجارة، فقال عباس للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل إزارك على رقبتك [ يقيك ] من الحجارة، ففعل، فخر إلى الأرض وطمحت عيناه إلى السماء، ثم قام وقال: إزاري إزاري، فشده عليه. لما بنيت الكعبة ذهب
وفي حديث عن عكرمة في هذا الخبر، قال: ابن عباس
خر محمد ، فانبطح. قال العباس: فجئت أسعى إليه، وألقيت عني حجري. قال: وهو ينظر إلى السماء، قلت: ما شأنك؟ قال: فقام وأخذ إزاره، وقال: نهيت أن أمشي عريانا. قال : قال أبي: فإني أكتمها الناس مخافة أن يقولوا مجنون. ابن عباس
وحدثنا قال: حدثنا عبد الله، قال حدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، جرير، عن عن الأعمش، منذر الثوري، عن في الربيع بن خثيم إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ) قال: [ ص: 31 ] أوحى [ الله ] إليه كما أوحى إلى جميع النبيين. قوله عز وجل: (
وفي حديث رضي الله عنها من رواية عائشة رحمه الله، وغيره: مالك،
أن الوحي كان يأتيه أحيانا مثل صلصلة الجرس، وأحيانا يكلمه الملك، وأحيانا يشتد عليه، فيتفصد جبينه في اليوم البارد عرقا.
وقال عروة بن الزبير:
كان إذا أوحي إليه وهو على ناقته وضعت جرانها.
وفي حديث عمر رضي الله عنه، قال:
كان ينزل عليه الوحي، فيسمع له دوي كدوي النحل.
وقد أشبعنا هذا المعنى في كتاب "التمهيد" عند ذكر حديث رضي الله عنها المذكور. والحمد لله. عائشة
حدثنا قال: حدثنا عبد الله، محمد، قال: حدثنا قال: حدثنا أبو داود، محمد بن داود بن سفيان، قال: حدثنا قال: أخبرنا عبد الرزاق، معمر عن قال: أخبرني الزهري، عن عروة بن الزبير، ، رضي الله عنها، قالت: عائشة ، فتزوده [ ص: 32 ] لمثلها، حتى فجأه الحق، وهو في غار حراء. فجاء الملك، فقال: اقرأ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقلت: ما أنا بقارئ. فأخذني، فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقاريء، فأخذني، فغطني الثانية، حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقاريء، فأخذني، فغطني الثالثة، حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال: ( خديجة اقرأ باسم ربك الذي خلق ) حتى بلغ ( علم الإنسان ما لم يعلم ) . قال: فرجع بها ترجف بوادره ، حتى دخل على فقال: زملوني، فزملوه، حتى ذهب [ عنه ] الروع. فقال يا خديجة ، ما لي؟ وأخبرها الخبر. وقال: قد خشيت على نفسي، فقالت له: كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله [ أبدا ] إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل [ وتكسب المعدوم، وتقري الضيف ] ، وتعين على نوائب الحق. ثم انطلقت به خديجة : حتى أتت به خديجة، ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي، وهو ابن عم أخي أبيها، وكان امرءا تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العربي، فكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا [ كبيرا ] قد عمي. فقالت له خديجة أي ابن عمي اسمع من ابن أخيك. فقال خديجة : ورقة بن نوفل: يا بن أخي ما ترى؟ فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم بما رأى. فقال [ له ] ورقة: هذا الناموس [ ص: 33 ] الذي أنزل على موسى، يا ليتني أكون فيها حيا حين يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو مخرجي هم؟ فقال ورقة بن نوفل: نعم إنه لم يأت أحد بما جئت به إلا عودي وأوذي وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا. ثم لم يلبث ورقة أن توفي.
وفتر الوحي فترة، حتى حزن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فيما بلغنا حزنا شديدا، غدا منه مرارا كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة كي يلقي بنفسه منها تبدى له جبريل عليه السلام، فقال: يا محمد إنك رسول الله حقا، فيسكن لذلك جأشه، وتقر نفسه، فيرجع، فإذا [ طالت ] عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى ذروة تبدى له جبريل عليه السلام، فقال مثل ذلك. أول ما بديء به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من الوحي الرؤيا الصادقة، ثم حبب إليه الخلاء، فكان يأتي حراء، فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد، ويتزود لذلك. ثم يرجع إلى
حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا قال: حدثنا محمد بن بكر، قال: حدثنا [ أبو ] داود، قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، قال ابن عباس. وحدثنا أبو داود: قال: حدثنا مسدد بن مسرهد، عن أبو عوانة، أبي بشير، عن عن سعيد بن جبير، قال ابن عباس. وحدثنا أبو داود: قال: حدثنا نصر بن علي، قال: حدثنا أبو أحمد، عن إسرائيل، عن ابن إسحاق، عن سعيد بن جبير، دخل حديث بعضهم في بعض. قال: [ ص: 34 ] كان لكل قبيل من الجن مقعد من السماء يستمعون فيه، فلما رموا بالشهب، وحيل بينهم وبين خبر السماء قالوا: ما هذا إلا لشيء حدث في الأرض، وشكوا ذلك إلى إبليس، فقال: ما هذا إلا لشيء حدث في الأرض، فائتوني من تربة كل أرض، فانطلقوا يضربون مشارق الأرض ومغاربها، يبتغون علم ذلك. فأتوه من تربة كل أرض، فكان يشمها ويرمي بها، حتى أتاه الذين توجهوا إلى ابن عباس، تهامة بتربة من تربة مكة ، فشمها، فقال: من ها هنا يحدث الحدث. فنظر، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قد بعث، فانطلقوا فوجدوا رسول الله وطائفة معه من أصحابه بنخلة عامدين إلى سوق عكاظ، وهو يصلي بهم صلاة الفجر. فلما سمعوا القرآن استمعوا له، فقالوا: هذا والله الذي حال بيننا وبين خبر السماء، فولوا إلى قومهم منذرين، فقالوا: يا قومنا ( إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد ) . وذكر تمام الخبر.
قال وحدثنا أبو داود: عن وهب بن بقية، خالد. قال وحدثنا أبو داود: عن محمد بن العلاء، كلاهما عن ابن إدريس، حصين، عن قال: عامر الشعبي،
لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم رجمت الشياطين بنجوم لم تكن ترجم بها من قبل، فأتوا عبد يا ليل ابن عمرو الثقفي فقالوا: إن الناس قد فزعوا وأعتقوا رقيقهم وسيبوا أنعامهم لما رأوا في النجوم، فقال لهم: وكان رجلا أعمى: لا تعجلوا وانظروا، فإن كانت النجوم التي تعرف فهو عند فناء الناس، وإن كانت لا تعرف فهو من حدث، فنظروا ، [ ص: 35 ] فإذا هي نجوم لا تعرف. فقالوا: هذا أمر حدث، فلم يلبثوا حتى سمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم.