69 - حدثنا إملاء قال : ثنا سليمان بن أحمد أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي الدمشقي قال : ثنا سليمان بن عبد الرحمن ابن بنت شرحبيل ، ثنا عن إسماعيل بن عياش ، يحيى بن أبي عمرو السيباني ، عن عبد الله بن الديلمي ، قال : فقال : " بلغنا أنك تذكر ابن عباس سطيحا ، وتزعم أن الله [ ص: 123 ] خلقه لم يخلق من ولد آدم عليه السلام شيئا يشبهه ؟ قال : نعم ، إن الله خلق سطيحا الغساني لحما على وضم - الوضم : شرائح من جريد النخل - وكان يحمل على وضمه فيؤتى به حيث يشاء ، ولم يكن فيه عظم ، ولا عصب إلا الجمجمة والكفان ، وكان يطوى من رجليه إلى ترقوته كما يطوى الثوب ، فلم يكن فيه شيء يتحرك ، إلا لسانه ، فلما أراد الخروج إلى مكة حمل على وضمه ، فأتي به مكة ، فخرج إليه أربعة من قريش : عبد شمس وهاشم ابنا عبد مناف بن قصي ، والأحوص بن فهر ، وعقيل بن أبي وقاص ، انتموا إلى غير نسبهم ، فقالوا : نحن أناس من جمح أتيناك ، بلغنا قدومك ، فرأينا أن زيارتنا إياك حق لك ، واجب علينا ، فأهدى إليه عقيل صفيحة هندية ، وصعدة ردينية ، فوضعت على باب البيت الحرام ؛ لينظروا ، هل يراها سطيح أم لا ؟ فقال : يا عقيل ، ناولني يدك ، فناوله يده ، فقال : يا عقيل ، والعالم الخفية ، والغافر الخطية ، والذمة الوفية ، والكعبة المبنية ، إنك لجائي بالهدية ، الصفيحة الهندية ، والصعدة الردينية ، قالوا : صدقت يا سطيح ، فقال سطيح : وآلات بالفرح ، وقوس قزح ، وسائر القرح ، واللطيم المنبطح ، والنخل والرطب ، والبلح ، إن الغراب حيث مر سنح ، فأخبر أن القوم ليسوا من جمح ، وإن نسبهم في قريش ذي البطح ، قالوا : صدقت يا سطيح ، نحن أهل البيت الحرام ، أتيناك لنزورك ، لما بلغنا من علمك ، فأخبرنا عما يكون في زماننا [ ص: 124 ] هذا ، وما يكون بعده ، لعل أن يكون عندك في ذلك علم ، قال : الآن صدقتم ، خذوا مني من إلهام الله إياي ، وأنتم يا معشر العرب في زمان الهرم ، فتبينوا بصائركم ، وبصيرة العجم ، لا علم عندكم ولا فهم ، وينشأ من عقبكم ذوو فهم ، يطلبون أنواع العلم ، فيكسرون الصنم ، ويتبعون الردم ، ويقتلون العجم ، يطلبون الغنم ، قالوا : يا سطيح ، ممن يكون أولئك ؟ فقال لهم : والبيت ذي الأركان ، والأمن والسكان ، لينشون من عقبكم ولدان ، يكسرون الأوثان ، وينكرون عبادة الشيطان ، ويوحدون الرحمن ، وينشرون دين الديان ، يشرفون البنيان ، ويقتنون القيان ، قالوا : يا سطيح ، من نسل من يكون أولئك ؟ قال : وأشرف أشراف ، والمفضي لإسراف ، والمزعزع للأخفاف ، والمضعف للأضعاف ، لينشون الآلاف ، من بني عبد شمس ، وعبد مناف ، نشوا يكون فيه اختلاف ، قالوا : يا سوأتاه يا سطيح ، مما تخبر من العلم بأمرهم ، ومن أي بلد يخرج أولئك ؟ قال : والباقي الأبد ، والبالغ الأمد ، ليخرجن من ذي البلد ، فتى يهدي إلى الرشد ، يرفض يغوث والفند ، يبرأ عن عبادة الضدد ، يعبد ربا انفرد ، ثم يتوفاه محمودا ، من الأرض مفقودا ، في السماء مشهودا ، ثم يلي أمره إذا قضى صدق ، وفي رد الحقوق لا خرق ولا نزق ، ثم يلي أمره الحنيف ، مجرب غطريف ، ويترك قول العنيف ، قد ضاف المضيف ، وأكرم التحنيف ، ثم يلي أمره داعيا لأمره مجربا ، فيجتمع له جموعا [ ص: 125 ] ، وعصبا ، فيقتلونه نقمة وغضبا ، فيؤخذ الشيخ إربا ، فيقوم به رجال خطباء ، ثم يلي أمره الناصر ، يخلط الرأي برأي الناكر ، يظهر في الأرض الفساد ، ثم يلي بعده ابنه يأخذ جمعه ، ويقل حمده ، ويأخذ المال ، ويأكله وحده ، ويكنز المال لعقبه من بعده ، ثم يلي من بعده عدة الملوك ، لا شك ، الدم فيهم مسفوك . الصديق ، وذكر القصة " . أتى رجل