إن الذي ورث النبوة والهدى بعد ابن مريم من قريش مهتدي
نبي يخبر بما سبــــ ـــــق وبما يكون في غد
قال راشد : فألفيت سواعا مع الفجر وثعلبان يلحسان ما حوله ، ويأكلان ما يهدى له ، يعرجان عليه ببولهما ، فعند ذلك يقول راشد بن عبد ربه :
أرب يبول الثعلبان برأسه لقد ذل من بالت عليه الثعالب
وذلك عند مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومجازه إلى المدينة ، وتسامع الناس به [ ص: 122 ] ، فخرج راشد حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، ومعه كلب له ، واسم راشد يومئذ " ظالم " ، واسم كلبه " راشد " ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما اسمك ؟ " ، قال : ظالم ، قال : " فما اسم كلبك ؟ " ، قال : راشد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اسمك راشد ، واسم كلبك ظالم " وضحك النبي صلى الله عليه وسلم ، وبايع النبي صلى الله عليه وسلم ، وأقام معه ، ثم طلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم قطيعة برهاط ، ووصفها له ، فأقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمعلاة من رهاط شأو الفرس ، ورمية ثلاث مرات بحجر ، وأعطاه إداوة مملوءة ماء ، وتفل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال له : " فرغها في أعلى القطيعة ، ولا تمنع الناس فضولها " . ففعل ، فجاء الماء معينا مجمة إلى اليوم ، فغرس عليها النخل ، ويقال : إن رهاط كلها تشرب منه ، وسماها الناس ماء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأهل رهاط يغتسلون منها ، ويستشفون بها ، وبلغت رمية راشد الركيب الذي يقال له : " ركيب الحجر " ، وغدا راشد إلى سواع ، فكسره " .