589 - أخبركم أبو عمر بن حيويه ، وأبو بكر الوراق قالا : أخبرنا يحيى قال : حدثنا الحسين قال : أخبرنا قال : أخبرنا ابن المبارك معمر ، عن عن رجل من يحيى بن أبي كثير ، أهل الشام أنه وهو يوقد تحت قدر له من حطب ، قد أصابه مطر [ ص: 209 ] ودموعه تسيل ، فقالت له امرأته : لقد كان لك من هذا مندوحة ، ولو شئت لكفيت ، فقال : فأنا أبي ذر ، وهذا عيشي ، فإن رضيت وإلا فتحت كنف الله ، أبو ذر ، قال : فكأنما ألقمها حجرا حتى إذا أنضج ما في قدره جاء بصحفة ، فكسر فيها خبزا له غليظا ، ثم جاء بالذي كان في القدر فكدره عليه ، ثم جاء به إلى امرأته ، ثم قال : ادن ، فأكلنا جميعا ، ثم أمر جاريته أن تسقينا ، فسقتنا مذقة من لبن معزاه ، فقلت : يا دخل على لو اتخذت في بيتك عيشا ، فقال : عباد الله! أتريدون من الحساب أكثر من هذا ؟ أليس هذا مثالا ، نرقد عليه ، وعباءة نبسطها ، وكساء نلبسه ، وبرمة نطبخ فيها ، وصحفة نأكل منها ، وبطة فيها زيت ، وغرارة فيها دقيق ، أتريد لي من الحساب أكثر من هذا ؟ قلت : فإن عطاءك أربع مائة دينار ، وأنت في شرف من العطاء ، فأين يذهب عطاؤك ؟ فقال : أما أني لن أعمي عليك ، لي بهذه القرية وأشار إلى قرية أبا ذر! بالشام ثلاثون فرسا ، فإذا خرج عطائي اشتريت لهم علفا ، وأرزاقا لمن يقوم عليها ، ونفقة لأهلي ، فإن بقي منه شيء اشتريت به فلوسا ، فجعلت عند نبطي ههنا ، فإن احتاج أهلي إلى لحم أخذوا منه ، وإن احتاجوا إلى شيء أخذوا منه ، ثم أحمل عليها في سبيل الله ، ليس عند آل دينار ولا درهم . أبي ذر