[ ص: 182 ] المسألة العاشرة
. الأمر المتعلق بأمر المكلف لغيره بفعل من الأفعال لا يكون أمرا لذلك الغير بذلك الفعل
وبيانه من وجهين : الأول : أنه لو كان أمرا لذلك الغير لكان ذلك مقتضاه لغة ، ولو كان كذلك لكان أمره - صلى الله عليه وسلم - لأولياء الصبيان بقوله : " " أمرا للصبيان بالصلاة من الشارع ، وليس كذلك لوجهين : مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع
الأول : أن الأمر الموجه نحو الأولياء أمر تكليف ، ولذلك يذم الولي بتركه شرعا ، فلو كان ذلك أيضا أمرا للصبيان لكانوا مكلفين بأمر الشارع ، وخاصة ذلك لحقوق الذم بالمخالفة شرعا ، وهو غير متصور في حق الصبيان ، لعدم فهمهم لخطاب الشارع .
ويدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم - : " " الخبر ، ويمكن أن يقال فيه : الأمر للولي والصبي ، وإن كان واحدا ، غير أن نسبته إليهما مختلفة فلا يمتنع اختلافهما في الذم بسبب ذلك . رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ
الثاني : أنه لو كان أمرا للصبي لم يخل إما أن يكون أهلا لفهم الشارع ، أو لا يكون أهلا له .
فإن كان الأول فلا حاجة إلى أمر الولي له ، أو أن يكون أحد الأمرين تأكيدا ، والأصل في إفادة الألفاظ لمعانيها إنما هو التأسيس . وإذا لم يكن أهلا له فأمره وخطابه ممتنع بالإجماع .
وإذا لم يكن أمر الولي بأمر الصبيان أمرا للصبيان فإما أن يكون ذلك لعدم اقتضائه لذلك لغة أو لمعارض ، والمعارضة يلزم منها تعطيل أحد الدليلين عن إعماله وهو خلاف الأصل ، فلم يبق إلا أن يكون ذلك لعدم اقتضائه له لغة وهو المطلوب .
الثاني من الوجهين الأولين : أنه يحسن أن يقول السيد لعبده سالم : " مر غانما بكذا " ، ويقول لغانم : " لا تطعه " ، ولا يعد ذلك مناقضة في كلامه ، ولو كان ذلك أمرا لغانم لكان كأنه قال : " أوجبت عليك طاعتي ولا تطعني " وهو تناقض .
وعلى هذا لو أوجب الآمر على المأمور أن يأخذ من غيره مالا لا يكون ذلك إيجابا للإعطاء على ذلك الغير كما في قوله تعالى لنبيه : ( خذ من أموالهم صدقة ) فإن ذلك لا يدل على إيجاب إعطاء الصدقة على الأمة بنفس ذلك الإيجاب ، بل إن [ ص: 183 ] وجب فإنما يجب بدليل آخر موجب لطاعة الرسول فيما يحكم به تعظيما له ، ونفيا لما يلزم من مخالفته من تحقيره وهضمه في أعين الناس المبعوث إليهم ، المفضي إلى الإخلال بمقصود البعثة ، وإلا فلا يبعد أن يقول السيد لأحد عبديه : " أوجبت عليك أن تأخذ من العبد الآخر كذا " ويقول للآخر : " حرمت عليك موافقته " من غير مناقضة فيما أوجبه ، ولو كان إيجاب ذلك على أحد العبدين إيجابا على العبد الآخر لكان تناقضا .
فإن قيل وجوب الأخذ إنما يتم بالإعطاء ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .
قلنا : إن كان الوجوب متعلقا بنفس الطلب فهو غير متوقف على الإعطاء .
وإن كان متعلقا بنفس الأخذ ، وإن كان لا يتم ذلك دون الإعطاء فليس كل ما يتوقف عليه الواجب يكون واجبا ، إلا أن يكون ذلك مقدورا لمن وجب عليه الأخذ ، وإعطاء الغير غير مقدور لمن وجب عليه الأخذ فلا يكون واجبا .