ذكر اختلاف أهل العلم في الشفاعة في الحدود
اختلف أهل العلم في الشفاعة في الحدود قبل وصول ذلك إلى الإمام: فقالت طائفة: لا بأس بالشفاعة في الحد ليدرأ به عن من وجب ذلك عليه قبل الوصول إلى السلطان، وممن رأى ذلك: شفع لسارق، وقال: إن ذلك يفعل دون السلطان، فإذا بلغ السلطان فلا أعفاه الله إن عفاه. وأخذ الزبير بن العوام سارقا فزوده، وأرسله، وقال: أستره لعل الله يستر يوم القيامة. وأخذ ابن عباس سارق عيبته فدل عليه، ولم يهجه وتركه . عمار بن ياسر
9083 - حدثنا قال: أخبرنا محمد بن عبد الوهاب، قال: أخبرنا جعفر بن عون، عن هشام بن سعد، عبد الله بن عروة، عن الفرافصة [ ص: 378 ] الحنفي قال: مر علينا الزبير وقد أخذنا سارقا، فجعل يشفع له فقال: أرسلوه. قال: قلنا يا أبا عبد الله إن تأمرنا أن نرسله، قال: إن ذلك يفعل دون السلطان، فإذا بلغ السلطان فلا أعفاه الله إن أعفاه .
9084 - حدثنا عن إسحاق، عن عبد الرزاق، قال: أخبرني [أبي] عن الثوري، عكرمة، عن أنه أخذ سارقا فزوده وأرسله، وأن ابن عباس، عمارا أخذ [سارق] عيبته فدل عليه فلم يهجه وتركه .
9085 - حدثنا موسى قال: حدثنا حميد بن مسعدة، قال: حدثنا حماد، قال: حدثنا أيوب، عن عكرمة، أن أخذ سارقا فأرسله وقال: أستره لعل الله يستر يوم القيامة . ابن عباس
وممن كان هذا مذهبه: سعيد بن جبير، وعطاء، ومجاهد. وقال العفو عن الحدود جائز ما لم يبلغ الإمام، فإذا شهد عليه عند الإمام أقامها . الزهري:
قال وهذا مذهب أبو بكر: . [ ص: 379 ] الأوزاعي
وقال يشفع في الحد ما لم يبلغ السلطان. وكرهت طائفة أحمد بن حنبل: قال الشفاعة في الحدود، من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في حكمه . ابن عمر:
وروي عن أبي وائل: أن جريرا جاء يتكلم في حد، فقال له كعب: لا تكلم في حد .
9086 - حدثنا محمد بن علي، قال: حدثنا سعيد، قال: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن الزهري، قال: أخبرني أبو سهيل عم قال: سمعت مالك بن أنس، يقول: عبد الله بن عمر . من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في حكمه
9087 - حدثنا محمد قال: حدثنا سعيد، قال: حدثنا هشيم، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الوهاب، عن قال: ابن عمر، . من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره
9088 - حدثنا قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان، عن واصل، عن أبي وائل، قال: جاء جرير يتكلم في حد فقال له كعب: . [ ص: 380 ] لا تشفع في حد
وفي هذا الباب قول ثالث: قاله وهو: أن من لم يعرف منه أذى للناس، وإنما كانت منه زلة فلا بأس بأن يشفع له ما لم يبلغ الإمام والشرط أو [الحرس] ، ولا ينبغي إذا وقع بيد الشرط [الحرس] أن يشفع له أحد، كذلك قال مالك بن أنس قال مالك، وأما من عرف بشر وفساد فلا أحب أن يشفع له أحد، ولكن يترك حتى يقام عليه الحد . مالك:
قال ومن حجة بعض من رأى الشفاعة مباحا قبل الوصول إلى الإمام المندوب إليه من الستر على المسلمين، فإذا شفع له قبل وصوله إلى الإمام وخلى عنه فقد ستر عليه، وفيما روينا عن أبو بكر: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: عبد الله بن عمرو، دليل على ذلك ومعنى: "تعافوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني من حد فقد وجب" أي: ليستر بعضكم على بعض، وهو في معنى قوله: "تعافوا الحدود فيما بينكم" . "من ستر على مسلم ستر الله عليه في الآخرة"
قال فالأخبار دالة على صحة هذا القول، والشفاعة المنهي عنها أن يشفع إلى الإمام في حد قد وصل إليه علمه ووجب عليه إقامته، ويدل على صحة هذا القول إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على أبو بكر: أسامة حيث كلمه في أمر المخزومية .
9089 - حدثنا قال: حدثنا موسى بن هارون قتيبة قال: أخبرنا الليث، [ ص: 381 ] عن عن ابن شهاب، عروة، أن عائشة قريشا همهم شأن المخزومية التي سرقت فقالوا: من يكلم فيها رسول الله؟ فقالوا: من يجترئ عليه إلا حب رسول الله، فكلمه أسامة بن زيد أسامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أتشفع في حد من حدود الله "، ثم قام فاختطب [فقال] : "إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن سرقت لقطعت يدها" فاطمة بنت محمد عن .