ذكر دعاء الخصم إلى القاضي
قال : وإذا ادعى الرجل على الرجل حقا قبله، دعاه إلى القاضي فإن امتنع بعث القاضي بعض أعوانه ليدعوه إليه، فإن امتنع وتوارى عنه سأل الخصم عما (...) قبله، فإن ادعى مالا معلوما، وأثبت عليه ببينة عادلة حكم عليه بذلك المال في مال إن كان للمدعى عليه يصل إليه الحاكم، ودفع المال إليه، وإن لم يكن له مال ظاهر يصل إليه، وثبتت البينة على أنه في منزله، فقد اختلف فيه، فمنهم من [ ص: 530 ] رأى أن لا يهجم عليه، ويختم على بابه، ويبعث إلى بابه رسولا ومعه شاهدين ينادي بحضرتهما: يا فلان بن فلان إن القاضي فلان بن فلان يأمرك بالحضور لمجلس الحكم مع خصمك، فإن فعلت وإلا نصبت لك وكيلا وثبتت بينته عليك. يفعل ذلك ثلاث مرات، فإذا فعل ذلك بعث له وكيلا وسمع من شهود المدعي، وأمضى ما عليه إلى أن يقدر على استخراج المال منه. هذا مذهب أبو بكر . الشافعي
وكان ينكر التهجم ويقول: يختم عليه ويشدد عليه حتى يظهر. وقال غيره: يوجه القاضي رجلين ممن يثق بهما ومعهما جماعة من الخدم والنساء معهم والأعوان فيكون الأعوان بالباب، ويدخل النساء ثم الخدم، ويجيء حرم المطلوب فيصيرون في بيت وتفتش الدار، ثم يدخل النساء إلى البيت الذي فيه حرم المطلوب فيفتشونه، فإن أصابوه أخرجوه إلى القاضي، ويأتون المنزل فئة ليدخلوه بغير إذن في غفلة لا يشعر بالنساء حتى يصيروا في الدار، فإذا صاروا فيها حيث يبدروا حرم المطلوب دخل الخدم على إثرهم . أحمد بن حنبل
وقد احتج بعض أهل الحديث في هذا الباب بحديثين .
6489 - حدثنا بأحد الحديثين علان بن المغيرة ، قال: حدثنا ، قال: أخبرنا ابن أبي مريم ، عن يحيى بن أيوب يحيى بن سعيد قال: أخبرتني قالت: عمرة تقول: لما جاء قتل عائشة زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة، جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف فيه الحزن، فقالت : وأنا أطلع من صير الباب فأتاه رجل فقال: يا رسول [ ص: 531 ] الله، إن نساء عائشة جعفر قد كثر بكاؤهن. فأمره أن ينهاهن، قالت: فذهب الرجل فقال: قد نهيتهن، فذكر أنهن لم يطعنه، فأمره أن ينهاهن، ثم ذهب ثم أتى فقال: والله لقد غلبننا، فزعمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فاحث في أفواههن التراب". قالت : فقلت: أرغم الله أنفك، والله ما أنت بفاعل، وما تركت رسول الله عائشة سمعت .
وقال هذا القائل:
6490 - أخبرنا محمد بن عزيز الأيلي، أن سلامة حدثهم عن عقيل قال: قال ، عن ابن شهاب ، ابن المسيب أن أقبل يوم توفي عمر بن الخطاب ، أبو بكر تنوح وعمتها وعائشة أم فروة بنت أبي قحافة على أبي بكر ، فقام فنهاهن أن يبكين وأوعدهن، وقال لهن: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عمر بن الخطاب فأبت "إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه". عائشة وأم فروة ومن معهما أن ينتهوا عن البكاء والنياحة، فقال عمر لهشام بن الوليد : ادخل، فأخرج ابنة أبي قحافة. فقالت : أحرج عليك بيتي. فقال عائشة عمر : ادخل فقد أذنت لك. فدخل فأخرجها، فعلاها بالمخفقة حتى سكنت وتفرق النوح . [ ص: 532 ]
قال : فإذا كان المدعى عليه مريضا لا يمكنه حضور مجلس القاضي بعث القاضي معه رجلا من أنسابه، وبعث معه بشاهدين من شهوده، وكتب اليمين على ما يجب أن يستحلف عليه واستحلافه الاثنين بحضرتهما على ما يجب، فإن أقر بالمال شهد الشاهدان على إقراره، فإن ادعى دعوى تستوجب النظر فيه وكل وكيلا يحضر مع خصمه عند القاضي، ثم يحضر الوكيل والخصم عند القاضي لينظر بينهما، ويوجب في ذلك ما يجب، وإن وجبت عليه اليمين فأبى أن يحلف ففيها قولان: أحدهما: أن يرد الحاكم اليمين على المدعي، فإذا رد عليه اليمين وحلف استحق المال في قول أبو بكر المزني . والشافعي
والقول الثاني: أن يعرض عليه اليمين ثلاث مرار، فإن أبى أن يحلف عند كل مرة أمره أن يوكل وكيلا ليحضر عند القاضي ليحكم عليه بنكوله عن اليمين ويلزمه الحق. وهذا مذكور في كتاب الدعوى والبينات .
وقد اختلفوا في هذا قول المدعى عليه تكون امرأة، فقال بعضهم: إن كانت تبرز وتخرج: أمر القاضي بإخراجها إلى مجلس الحكم ، وإن كانت لا تخرج وجه إليها من يستحلفها في منزلها. . أبي ثور
قال : وقد رأيت من الحكام من يأمره بإخراج المرأة التي لا تخرج في ستارة، أو يأمر بإخراجها بالليل، ويتولى القاضي استحلافها . [ ص: 533 ] أبو بكر