الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن حلف بالطلاق أو التحريم على أمر ، فلم يفعل ما حلف عليه ، لم يلزمه شيء ، ويكون طلاقه أو تحريمه معلقا على هذا الأمر المحلوف عليه ، يقع بوقوعه ، فإذا وقع مرة انحل التعليق ، ما لم يكن بصيغة تقتضي التكرار ، وسبق في الفتوى رقم: 14738، وأما طلاق الزوجة ثم إعادتها ، فلا ينحل به التعليق ، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 13631 ، وإنما ينحل التعليق بطلاق الزوجة في أحد حالتين هما : الأولى : فعل الأمر المحلوف عليه في حال بينونة الزوجة ، الثانية : طلاق الزوجة بينونة كبرى ، قال ابن قدامة في االمغني : فصل : إذا علق طلاق امرأته بصفة , ثم أبانها بخلع أو طلاق , ثم عاد فتزوجها , ووجدت الصفة , طلقت . ومثاله إذا قال : إن كلمت أباك فأنت طالق . ثم أبانها بخلع , ثم تزوجها , فكلمت أباها , فإنها تطلق . نص عليه أحمد . فأما إن وجدت الصفة في حال البينونة , ثم تزوجها , ثم وجدت مرة أخرى , فظاهر المذهب أنها تطلق . وعن أحمد ما يدل على أنها لا تطلق . نص عليه في العتق ... وأكثر أهل العلم يرون أن الصفة لا تعود إذا أبانها بطلاق ثلاث , وإن لم توجد الصفة في حال البينونة . هذا مذهب مالك , وأبي حنيفة , وأحد أقوال الشافعي . قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم , على أن الرجل إذا قال لزوجته : أنت طالق ثلاثا إن دخلت الدار . فطلقها ثلاثا , ثم نكحت غيره , ثم نكحها الحالف , ثم دخلت الدار , أنه لا يقع عليها الطلاق . وهذا على مذهب مالك والشافعي وأصحاب الرأي , لأن إطلاق الملك يقتضي ذلك فإن أبانها دون الثلاث فوجدت الصفة , ثم تزوجها , انحلت يمينه في قولهم , وإن لم توجد الصفة في البينونة , ثم نكحها , لم تنحل في قول مالك , وأصحاب الرأي , وأحد أقوال الشافعي . وله قول آخر : لا تعود الصفة بحال . وهو اختيار المزني , وأبي إسحاق. انتهى
وعليه فإن تعليق طلاق الزوجة أو تحريمها لا ينحل بطلاقها ثم إعادتها على قول جمهور أهل العلم إلا في الحالتين المذكورتين سابقا .
مع التنبيه الى أن تحريم الزوجة الراجح فيه أنه بحسب نية الزوج من ظهار أو طلاق أو يمين ، كما بينا في الفتوى رقم: 60651.
مع العلم كذلك أن الطلاق المعلق - ويدخل فيه الحلف بالطلاق - قد اختلف أهل العلم في وقوع الطلاق به ، إذا لم ينو به الزوج الطلاق ، وإنما نوى المنع والتهديد ونحو ذلك ، وسبق بيان هذا الخلاف في الفتوى رقم: 17824.
مع نصيحتنا دائما بمراجعة المحكمة الشرعية في مسائل الطلاق ونحوها .
والله أعلم .