الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأب الذي يترك ابنته، ولا يسأل عنها زمنا طويلا دون عذر؛ فهو آثم إثما عظيما؛ ففي المستدرك على الصحيحين للحاكم عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول.
وأمّا الحضانة، فهي للأمّ ما دامت أهلا للحضانة، وهذا لا خلاف فيه بين أهل العلم؛ أمّا إذا قام بالأمّ مانع من موانع الحضانة؛ فقد اختلف أهل العلم في ترتيب مستحقي الحضانة بعدها، والجمهور على أنها تنتقل بعدها لأمّ الامّ، ولمعرفة تفصيل المذاهب في ترتيب مستحقي الحضانة راجعي الفتوى: 6256، وراجعي للفائدة الفتوى: 148345
وعند انتقال الحضانة للأب يشترط أن تكون معه امرأة تقوم بالحضانة، وانظري الفتوى: 96892
وقد اشترط العلماء في الحاضن شروطا تضمن مصلحة المحضون؛ فإذا فقدت هذه الشروط، أو بعضها سقطت الحضانة، وانتقلت إلى من بعده ممن تتوفر فيه الشروط، ونصّ بعض أهل العلم على أنّ مصلحة المحضون مقدمة على غيرها من الأمور المرجحة لاستحقاق الحضانة، قال ابن القيم -رحمه الله- بعد أن ذكر أقوال العلماء في حكم الحضانة عند سفر أحد الأبوين: وهذه أقوالٌ كُلها -كما ترى- لا يقوم عليها دليلٌ يسكن القلبُ إليه. فالصوابُ النظر، والاحتياط للطفل في الأصلح له، والأنفع مِن الإِقامة، أو النقلة، فأيُّهما كان أنفعَ له، وأصونَ، وأحفظَ، روعي، ولا تأثيرَ لإِقامة، ولا نقلة. انتهى، وراجعي الفتوى: 9779.
وإن حصل نزاع في أمر الحضانة، واستحقاقها، ووجود ما يسقطها، فالفيصل المحكمة الشرعية. وينبغي للوالدين التوافق قدر الإمكان، ومراعاة مصلحة الأولاد.
والله أعلم.