الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله -تعالى- أن يلهمك رشدك، وأن يوفقك لما يحب ويرضى.
وأما ما ذكرته -ابننا السائل-، فليس فيه ما يستدعي الشك في الكفر -والعياذ بالله!-
وغاية ما هناك هو البحث والسؤال لإصابة الحق، وتجنّب الخطأ، فإن أصبته في بحثك وجواب سؤالك، فالحمد لله، وإن أخطأ المجيب، فالإثم عليه هو لا على السائل الذي لم يرد بسؤاله إلا معرفة الحق، وتعلّم الصواب، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أفتي بغير علم، كان إثمه على من أفتاه. رواه أبو داود، وابن ماجه، وأحمد، وحسنه الألباني.
قال القاري في (مرقاة المفاتيح): يعني: كل جاهل سأل عالمًا عن مسألة، فأفتاه العالم بجواب باطل، فعمل السائل بها، ولم يعلم بطلانه، فإثمه على المفتي، إن قصّر في اجتهاده. اهـ.
وقال الشوكاني في (نيل الأوطار): المعنى: من أفتاه مفت عن غير ثبت من الكتاب والسنة والاستدلال، كان إثمه على من أفتاه بغير الصواب، لا على المستفتي المقلد. اهـ.
وأما بخصوص السؤال: أين الله؟ فالصواب أنه لا يُمنع منه.
وجوابه: أن الله في السماء، بمعنى العلو المطلق.
وكيف يمنع من هذا السؤال، وقد سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم لجارية معاوية بن الحكم السلمي، فقال لها: «أين الله؟» قالت: في السماء، قال: «من أنا؟» قالت: أنت رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: «أعتقها، فإنها مؤمنة». رواه مسلم في صحيحه.
هذا مع ما جاء صريحًا في كتاب الله تعالى، كقوله عز وجل: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ. أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ {الملك:16-17}.
وراجع في ذلك الفتاوى: 1360، 6707، 119095، 151969.
ثم إننا نوصيك بالإعراض عن الوساوس، والاكتفاء في مثل سنّك بقراءة الكتب المعتمدة في العقيدة، كشرح العقيدة الطحاوية، والواسطية.
والله أعلم.