الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الشرع الحكيم قد جعل القوامة للزوج على زوجته، ومقتضى هذه القوامة أن تطيع الزوجة زوجها في المعروف، وهو هنا ما يتعلق بأمور الحياة الزوجية، كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 64358.
ونشوز الزوجة هو: خروجها عن طاعته فيما يجب عليها أن تطيعه فيه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 161663، ورقم: 292666.
وإذا حصل النشوز، فإن الشرع قد جعل الحق للزوج في تأديب زوجته في خطوات جاء بها القرآن الكريم، وقد بيناها في الفتوى رقم: 1103.
فإن كانت زوجتك ناشزا، فاعمل على تأديبها على الوجه المذكور، فإن رجعت إلى صوابها، فذاك، وإلا فانتدب العقلاء من أهلك وأهلها، كما قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء:35}.
وإن لم يزل الإشكال، فالطلاق نوع من الحل، ولكنه قد لا يكون الأفضل دائما. فإن تيسر الزواج من ثانية، كان أولى، فمن لم تعفه زوجته الأولى، يؤمر بالزواج من ثانية، أو أكثر، إلى أربعة حتى يتحقق المقصود.
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع: إذا كان الإنسان يرى من نفسه أن الواحدة لا تكفيه، ولا تعفه، فإننا نأمره بأن يتزوج ثانية وثالثة ورابعة، حتى يحصل له الطمأنينة، وغض البصر، وراحة النفس. اهـ.
وإذا لم يتيسر الزواج من ثانية، فينبغي الصبر والسعي في الإصلاح، مع كثرة الدعاء بأن يصلح الله حال الزوجة، ويدعو بعموم الأدلة من نحو ما ورد في مسند أحمد وسنن أبي داود عن أبي بكرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، أصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت.
وننبه إلى أمرين:
الأول: أن لكل من الزوجين حقا للآخر، يجب عليه القيام به، كما يجب على الآخر القيام بما له عليه من حق، قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {البقرة:228}. وانظر الفتوى رقم: 27662.
الثاني: أن التعدد مباح، ولا يلتفت إلى قانون يمنع منه لغير سبب مشروع. والأولى بالمسلم أن يجتنب ما يمكن أن يدخله في الحرج والمساءلة لو قدر اطلاعه على الإقدام على التعدد في ظل مثل هذه القوانين المخالفة للشرع.
والله أعلم.