الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا السؤال ناتج عن الوسواس الذي تعانين منه، وكنا قد نصحناك في فتاوى سابقة بأن تجاهدي هذه الوساوس وتلك الخواطر، ولا تسترسلي معها، فكلامك المباح ليس فيه عصيان لله ولرسوله وعدم استجابة لأمرهما، ولا أنه عناد قد يوقع في الكفر، بل كل ذلك من وسواس الشيطان، وغاية ما في الأمر أن المسلم يحاول قدر الاستطاعة ألا يتكلم إلا فيما هو خير، وأن يقلل الكلام في المباح الذي ليس وراءه فائدة ترتجى، فقد قال النووي ـ رحمه الله ـ في شرح مسلم: وَقَدْ نَدَبَ الشَّرْع إِلَى الْإِمْسَاك عَنْ كَثِير مِنْ الْمُبَاحَات، لِئَلَّا يَنْجَرَّ صَاحِبهَا إِلَى الْمُحَرَّمَات أَوْ الْمَكْرُوهَات. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في شرح كتاب الرقاق من صحيح البخاري: يجب أن نحفظ ألسنتنا عما حرم الله ويندب ندباً بالغاً أن نحفظها عما لا ينفع: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ـ أما ما كان خيراً في ذاته أو خيراً لغيره فلنتكلم به، فالخير لذاته مثل الذكر والقرآن، الخير لغيره أن يكون كلاماً مباحاً لكن فيه إدخال السرور على جلسائك، هذا لا بأس به، هذا خير، يعني لو كان الإنسان يتكلم بشيء مباح لكن فيه إدخال السرور على الغير هذا من الخير، لكن ليس خيراً لذاته بل خير لغيره، فإن اجتمع في ذلك أن يكون خيراً في ذاته وخيراً لغيره مثل: أن يتكلم في مسائل علم تنفع الحاضرين كان هذا أطيب وأفضل. انتهى.
وراجعي الفتوى رقم: 18955، ففيها تفسير قول الله: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيث.
ونؤكد على نصيحتنا لك في هذه الفتوى برقم: 218296.
والله أعلم.