الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأولًا: نسأل الله سبحانه أن يعافيك من الوساوس.
واعلم أن من أهم وسائل التغلب على الوساوس بعد الاستعانة بالله عز وجل، الإعراض والتلهي عنها، وقد ذكرنا بعض الوسائل المعينة للتغلب عليها في الفتويين: 51601، 3086
كما يمكنك الاستفادة من قسم الاستشارات بموقعنا.
وأما بخصوص الاستقسام بالأزلام، فهو نوع من التطير، وقد سبق الكلام عليهما في الفتوى رقم: 230173.
والتطير هو التشاؤم كما سبق في الفتوى رقم: 14326.
وأما النظر إلى المواقف التي تعرض للإنسان على أنها رسائل من الله جل وعلا، فلا بأس بذلك، إن كان فيه فائدة معتبرة شرعًا، كالتذكر، والاستبصار، وأخذ العظة، فالاعتبار بالوقائع مأمور به شرعًا؛ قال تعالى: فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ {الحشر:2}.
وعلى ذلك، فإن حدث أمر مخيف يتعلق بمثل حالتك، فقمت بأخذ الحذر والحيطة من ذلك الأمر، فهذا حسن، بل إذا تركت الإقدام على أمر ما لأسباب معقولة، ومعتبرة شرعًا، فلا حرج في ذلك أيضًا، وليس هذا من التشاؤم المحرم؛ وانظر للفائدة الفتويين: 50710، 239080.
وأما تركك البحث عن الكتاب لمجرد أنك لم تجده في صفحة ما، فقد جانبك الصواب في ذلك؛ لأن الباحث عادة لا يجد ما يبحث عنه إلا بعد تكرار المحاولات، وقليلًا ما يجد بغيته من المرة الأولى، ومن ثم، فعدم عثورك على بغيتك من أول مرة، لا يصلح بمجرده دليلًا على تعسير الأمر.
وأما إذا وقع شيء مبشر لحالة مثل حالتك، فاستبشرت بذلك، فلا حرج عليك، بل التفاؤل محمود شرعًا، بعكس التطير، وقد سبق بيان الفرق بين الطيرة، والتفاؤل في الفتوى رقم: 118505.
ثانيًا: قد سبق تفصيل الكلام في مسألة الأبراج وأحكامها في الفتوى رقم: 234760.
واعلم أن الإنسان لا يؤاخذ على ما يخطر في نفسه من الوساوس، كتلك المتعلقة بالأبراج، وغيرها، ما لم تستقر في قلبه، وينعقد عليها؛ لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست، أو حدثت به أنفسها، ما لم تعمل به، أو تكلم. متفق عليه، وانظر الفتوى رقم: 128538.
ومن علامات استقرارها في القلب أن يتأثر سلوكك مع الأشخاص بمسألة صفات الأبراج، فطالما أنك تجاهد نفسك على مدافعة تلك الخطرات، ولا تسمح لها بالتأثير على سلوكك الظاهر معهم، فلا حرج عليك -إن شاء الله- وانظر الفتويين: 210019، 64305.
وعلاج الخطرات لا يكون بسب النفس، وعلو الصوت، ونحو ذلك، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 141435 وإحالاتها.
ثالثًا: لا يمتنع أن يكون للمنجمين علاقة باستراق السمع؛ وانظر الفتوى رقم: 182659.
إلا أن التنجيم لا يقوم أساسًا على استراق السمع، وإنما على محاولة نسبة الحوادث الأرضية إلى الأحوال الفلكية، والكذب فيه أغلب.
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: قال القاضي- رحمه الله-: كانت الكهانة في العرب ثلاثة أضرب:
أحدها: يكون للإنسان ولي من الجن، يخبره بما يسترقه من السمع من السماء. وهذا القسم بطل من حين بعث الله نبينا صلى الله عليه وسلم.
الثاني: أن يخبره بما يطرأ، أو يكون في أقطار الأرض، وما خفي عنه مما قرب أو بعد. وهذا لا يبعد وجوده.
ونفت المعتزلة، وبعض المتكلمين هذين الضربين وأحالوهما، ولا استحالة في ذلك، ولا بعد في وجوده، لكنهم يصدقون ويكذبون، والنهي عن تصديقهم، والسماع منهم عام.
الثالث: المنجمون، وهذا الضرب يخلق الله تعالى فيه لبعض الناس قوة ما، لكن الكذب فيه أغلب. أهـ.
ومع أن الإنسان لا يأثم بمجرد الوساوس والسؤال عنها، إلا أنا ننصحك بالإعراض، والتلهي عنها، كما ذكرنا في أول الفتوى.
والله أعلم.