الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن تعرضنا للمزاح وضوابطه وآدابه، فراجع الفتاوى التالية أرقامها: 61644، 19225، 67495، 11614.
وما نقله السائل الكريم من كتاب: فتاوى معاصرة ـ عن موضوع الضحك قد ذكر فيه مؤلفه الضوابط التي ينبغي مراعاتها في المزاح، وهي باختصار:
1ـ أن لا يكون الكذب والاختلاق أداة الإضحاك للناس.
2ـ أن لا يشتمل على تحقير لإنسان آخر، أو استهزاء به وسخرية منه.
3ـ أن لا يترتب عليه تفزيع وترويع لمسلم.
4ـ أن لا يهزل في موضع الجد، ولا يضحك في مجال يستوجب البكاء.
5ـ أن يكون ذلك بقدر معقول، وفي حدود الاعتدال والتوازن.
ولا شك أن مراعاة هذه الضوابط تجعل المزاح في نطاقه المقبول، بل والمطلوب في بعض الأحايين.
وفيها جواب عما ذكره السائل في حكم ترويع المسلم ولو مزاحا.
وكذلك بيان أنه لا يصح أن يكون الغالب ـ فضلا عن الدائم ـ على مجالسنا الضحك والمزاح، لأن ذلك خارج عن القدر المعقول وحدود الاعتدال والتوازن.
وأما الإنشاد والغناء في الأفراح والأعياد، فراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 128375، 59797، 22840، 2351، 68556.
وأما الأحاديث المنقولة: ففيها ما لا يصح، كحديث الضحاك بن سفيان الكلابي، فقد ذكره السبكي في أحاديث: الإحياء التي لا أصل لها. وضعفه العراقي في تخريج: الإحياء ـ وعزاه للزبير بن بكار في الفكاهة والمزاح من رواية عبد الله بن حسن مرسلاً أو معضلاً.اهـ.
وكذلك قصة عقر النعيمان للناقة، فقد رواها ابن عبد البر في الاستيعاب وابن عساكر في تاريخ دمشق كلاهما من طريق الزبير بن بكار، قال: حدثني عمي مصعب بن عبد الله عن جده عبد الله بن مصعب عن ربيعة بن عثمان قال: دخل أعرابي على رسول الله. فذكر القصة.
وهذا إسناد ضعيف معضل، ربيعة بن عثمان التيمي من الذين عاصروا صغار التابعين، وهو صدوق له أوهام، كما في التقريب.
وعبد الله بن مصعب بن ثابت الزبيري قال الذهبي: لينه ابن معين.
وقال أبو حاتم: هو من بابة عبد الرحمن بن أبي الزناد.اهـ.
وابن أبي الزناد عند أبي حاتم: لا يحتج به.
والله أعلم.