السؤال
في يوم من الأيام دعيت إلى غداء وكان معنا شاب لم أره إلا في ذلك اليوم وأنا أحب المزاح كثيرا لما تكلم قال كلمة لو أنه صمت كان أفضل وأجبته ولكن لم أنو في ذلك إلا المزاح إلا أنه غضب وأخذ سكينا ووضعها على وجهي ولكني سكت ولم أجبه وسؤالي ماذا يقول الإسلام في ذلك؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا حرج في المزاح ما لم يتضمن أمرا محرما كالكذب وترويع المسلم أو أذيته، جاء في بريقية محمودية شرح طريقة محمدية: ( وَشَرْطُ جَوَازِهِ ) قَوْلا أَوْ فِعْلا ( أَنْ لا يَكُونَ فِيهِ كَذِبٌ وَلا رَوْعُ مُسْلِمٍ ) وَإِلا فَيَحْرُمُ.
وينهى عن الإفراط فيه، قال الإمام الغزالي في الإحياء: "فاعلم أن المنهي عنه الإفراط فيه أو المداومة عليه، أما المداومة فلأنه اشتغال باللعب والهزل فيه واللعب مباح، ولكن المواظبة عليه مذمومة، وأما الإفراط فيه فإنه يورث كثرة الضحك، وكثرة الضحك تميت القلب وتورث الضغينة في بعض الأحوال وتسقط المهابة والوقار فما يخلو عن هذه الأمور فلا يذم".
وقال ابن قدامة في مختصر منهاج القاصدين: "أما اليسير منه فلا يُنهى عنه إذا كان صادقا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمزح ولا يقول إلا حقا، فإنه قال لرجل: يا ذا الأذنين. وقال لآخر: إنا حاملوك على ولد الناقة. وقال للعجوز: إنه لا يدخل الجنة عجوز. ثم قرأ: إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا {الواقعة: 35-36} وقال لأخرى: زوجك الذي في عينيه بياض."
ومما يدل على تحريم الكذب في المزاح ما رواه بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم، ويل له ثم ويل له. والحديث قوى إسناده الحافظ ابن حجر رحمه الله.
أما إذا أضيف إلى الكذب القول القبيح فالأمر يكون أشد خطورة؛ لما رواه ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء. والحديث ظاهر فيه النهي عن الكلام القبيح في جميع الأحوال من جد ومزاح.
وعليه، فإن كان ما قاله الشخص المذكور حقا ورددت عليه بطريق المزاح بما هو حق فلا شيء عليك؛ إلا أنه لا ينبغي لك أن تمزح إلا مع من وثقت به وعرفت طباعه حتى لا تدخل نفسك في الحرج. وقد كادت مرة أن تقع مقتلة بين رجلين قال أحدهما للآخر والله إن ذبحك حلال، فالمازح يقصد أنه إذا ذبح شاة فيجوز أكلها لأنه ليس بمشرك، وذلك لم يفهم مقصوده وظن أنه يقصد أن ذبحه حلال لكونه أتى بما يوجب قتله، فلا تمزح إلا قليلا ومع من وثقت به لا مع كل أحد.
وأما ما قام به الشخص الآخر من حمل السلاح عليك فخطأ، فقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى يدعها وإن كان أخاه لأبيه وأمه. وعنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يشر أحدكم على أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزغ في يده فيقع في حفرة من النار. متفق عليه. وعنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حمل علينا السلاح فليس منا. رواه مسلم.
والله أعلم