السؤال
فبفضل الله ورحمته قد منّ الله علي بالتوبة والالتزام من زمن قريب, ومن هنا بدأت أدعو إلى الله وصحيح الدين فى منطقتي وأردت أن أتخير من الدين ما أدعو إليه فلم أجد أفضل من عماد الدين الصلاة التي ضيعها الكثير فى بلدي وقد اطلعت على فتاوى موقعكم عن حكم صلاة الجماعة واستخلصت منها عدة أمور كي أدعو إليها على بصيرة سأكتبها كي تقوموا أعزكم الله بتصحيح ما أخطأت فى فهمه وهي: (أن صلاة الجماعة واجبة -فرض عين- على من سمع النداء إلا لعذر من الأعذار المعتبرة، وإن كانت فى أول الوقت كان أفضل، وأن المسجد شرط لها إلا لعذر، وأن من يصلي منفردا بدون عذر فإن صلاته صحيحة، ولكن مع إثم وأيضا من صلى جماعة فى بيته أو عمله بدون عذر فإن صلاته صحيحة، ولكن مع إثم وإن كان أقل من المنفرد، أما بالنسبة لمن منعه الخوف من ضياع المال لعدم قدرته على غلق دكانه فلا شيء عليه إذا صلى منفرداً ولكن إذا ظل على ذلك فهو آثم، أما بالنسبه لمن منعه صاحب العمل من الصلاة جماعة فى المسجد أول الوقت فله أن يصليها فى جماعات مع من يعمل معهم فى المسجد بشرط عدم خروج وقت الصلاة، فإن رفض صاحب العمل أن يصلي فى جماعة سواء فى المسجد أو فى مكان العمل فهناك أمران: الأول: هو ترك العمل والبحث عن عمل آخر يمكنه من الجماعة وذلك فى حالة إن كان فى غنى عن العمل بحيث لا يجوع من يعول. وأما الثاني: وهو من إذا ترك العمل أصابه ومن يعول ضرر لعدم وجود عمل آخر له فى ذلك الوقت فلا حجة عليه إن صلى منفرداً، ولكن بشرط أن يكون دائم الطلب من صاحب العمل أن يحضر الجماعة وأن يبحث عن عمل آخر فى تلك الأثناء) وسامحوني على الإطالة لأن الموضوع جد خطير فما أكثر من يضيع الصلاة وإن صلى يصلي فى بيته فى بلدي وأرجو إيضاح الخطأ من الصواب لكي أدعو على بينة ولا أضل الناس، نحمد الله أن جعل لنا منكم نبراسا نهتدى به؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنحمد الله تعالى أن منّ بالهداية على الأخ السائل، وجعله ممن يحمل هم الصلاة التي هي عماد الدين، كما نسأله تعالى أن يوفقنا وإياه ويرزقنا الثبات على الحق، ثم إن اختياره الاهتمام بالصلاة والحث عليها وعلى أدائها جماعة والدعوة إلى ذلك اختيار صحيح موفق لأن الصلاة هي أهم أركان الإسلام بعد الشهادتين، ومع ذلك فينبغي أن يكون المسلم مهتماً بالدين كله حسب استطاعته تعلما وتعليماً ودعوة ونصيحة للمسلمين مع مراعاة الإخلاص لله تعالى في جميع ذلك فإن الطاعة لا تستقيم إلا به.
ثم إن ما ذكر في السؤال مما يتعلق بأحكام الصلاة في الجماعة منه ما هو صحيح ومنه ما ليس بصحيح، فمما يلاحظ عليه القول بأن الصلاة في المسجد شرط إلا لعذر، والصواب أن الصلاة في جماعة واجبة، وصلاة الجماعة في المسجد أفضل من صلاة الجماعة في غيره، والجماعة في غيره أفضل من الانفراد.
ومن صلى في جماعة في غير المسجد صحت صلاته ولا إثم عليه على مذهب أكثر أهل العلم، لأنه حصل فضل الجماعة المطلوب، وكذلك القول بأن من تخلف عن الجماعة لعذر معتبر شرعاً كالخوف على المال ونحوه يعتبر آثماً إن ظل على ذلك، والصواب أنه لا يأثم ما دام العذر باقياً، وإذا زال العذر أثم بتخلفه عنها ولو صلاة واحدة بناء على القول بوجوب الصلاة في الجماعة وهو الراجح.
ثم إن أغلب هذه المسائل المشار إليها في السؤال محل خلاف بين أهل العلم، ولبيان حكم صلاة الجماعة في المسجد يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31578، 6276، 677.
هذا ونؤكد الوصية للأخ الكريم أن يجتهد في طلب العلم الشرعي، ويسلك في ذلك الطريق الصحيح المؤدي إليه، وقد بيناها في فتاوى سابقة منها: 4131، والفتوى رقم: 4378. أما الطريقة التي ذكر أنه يسلكها الآن فليست هي الطريقة المثلى.
والله أعلم.