السؤال
من يقرأ القرآن بتمعن يصل إلى آيات بينات يحتار في فهمها وتزداد حيرته حين يرى مجموعة من الآيات في نفس الموضوع، ولكن يختلف فيها الخطاب. ومن المؤكد أنه لاختلاف الخطاب.
لذا أرجو أن توضحوا لي ما خفي علي، علما بأني لجأت إلى بعض كتب التفسير، وقرأت تفسير كل آية منها على حدة، ولكني لم أجد جواباً عن تساؤلاتي التي تثيرها القراءة المجملة لبعض الآيات.
فمثلاً: قال الله في محكم كتابه العزيز: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون) [البقرة: 30].
وكذلك قال: (وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدًا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين) [البقرة: 35].
من الآية الأولى نرى أن الله سبحانه وتعالى خلق آدم ليجعله في الأرض أي يسكنه فيها، ولكن بدلاً من ذلك أسكنه الجنة، وسمح له بأن يأكل منها هو وزوجته رغدًا، فلماذا لم ينزل الله آدم إلى الأرض بعد خلقه وبعد أن علمه كله شيء؟ ولماذا بدلاً من ذلك أسكنه وزوجه الجنة؟
ويقول الله في محكم كتابه: (إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين) [الأعراف: 40].
وقال أيضاً: (فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين) [الأعراف: 22].
وإبليس استكبر على الله سبحانه: (إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين) [ص: 74].
فإذا كان إبليس من المستكبرين ومن الكافرين، فكيف استطاع أن يتجاوز أبواب الجنة المقفلة التي لا يفتحها إلا خزنتها المكلفون بحراستها؟ (وسيق الذي اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين) [الزمر: 73]. أليس خزنة الجنة الذين لم يستطيعوا منع الشيطان من الدخول إلى الجنة هم المسؤولون عن دخوله وغوايته لآدم وزوجه؟ وآدم حديث عهد بالحياة، والشيطان كان ملكاً يعبد الله من آلاف السنين، فليس هناك تكافؤ بين الطرفين، فلماذا عاقبه الله سبحانه وتعالى هذا العقاب الأليم فأنزله على جبل سرنديب في الهند، وأنزل زوجه وحيدة في مكان ما قرب مكة؟