السؤال
إخوتي الكرام
مشكلتي تكمن في كرهي الشديد لأهل زوجي والذي لم يأت من فراغ فلم أر منهم إلا الأذية هداهم وإياي الرحمن, ولم تقف المشكلة حتى هذا الحد فإني دائما أصبر نفسي بأني أعيش بعيدة عنهم ونزورهم في السنة أو السنتين لشهر أو أقل, لكنه بمثابة القرن حيث لا يمضي يوم ولا أبالغ إذا قلت ساعة لا يحاولون فيها بث المشاكل, حتى أن والدة زوجي تتهكم على أهلي وزوجي يمنعني حتى من الرد عليها, هو دائما في صف أهله مهما عملوا حتى أني يئست من شكواي, لن أطيل, فسؤالي هو هل إذا اشتكيت لمن حولي أعد في صفوف المغتابين وإني والحق كثيرا ما أفعل هذا لضيقي الشديد وثانيا صرت أكره زوجي هو الآخر فقد ضيق علي وصار أحيانا يسبني ويشتمني أمام أهله عندما ننزل عندهم في الإجازات, يحاول الحط من قدري علما بأني بنت حسب ومن عائلة علم وتقدر المرأة ووصل به الأمر أن يهزأ بي أمام أبي وأمي الأمر الذي أثار حفيظتهما فهل استمرار زواجي به يعد من الصبر وأجازى عليه أم أن كثرة شكواي لصديقاتي يبطل كل هذا. ما هي أفضل وسيلة لتحمل كل هذا وكسب الحسنات في نفس الوقت ؟ وإن كنت قد ارتكبت إثما فكيف لي أن أكفر عنه؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما بخصوص الشكوى وهل تعد من الغيبة، وهل يدخل صاحبها في الوعيد الوارد في المغتابين، فإذا كانت الشكوى المذكورة فيها ذكر لعيوب الناس ومساوئهم، وانتهاك لأعراضهم، وذكرهم بما يكرهون، فهي غيبة محرمة، وصاحبها مرتكب لكبيرة من الكبائر، ويشمله الوعيد في ذلك وتراجع الفتوى: 6710.
ويستثنى من ذلك ما لو كانت الغيبة عند من يرجى منه رفع الظلم، ودفع الأذى، ويستثنى كذلك إذا كان القصد منها استجلاب النصح والإرشاد إلى أحسن الطرق لقطع هذه الأذية، وذلك أن ذكر المساوئ لمصلحة معتبرة شرعا جائزة؛ لما في مسلم عن فاطمة بنت قيس أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له.
وأما بشأن السب والشتم، فلا يجوز بحال ففي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس المؤمن باللعان ولا الفاحش ولا البذيء. فلا يجوز سب المسلم عموما فكيف إذا كانت زوجة، وقد أمر الله بحسن معاملتها كما قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ. وأما عن أجر الصبر، فقد وعد الله الصابرين بالأجر العظيم والثواب الجزيل كما قال تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ . ولذا عليك بالصبر واحتساب الأجر منه سبحانه، وراجعي الفتوى رقم: 8601
وأما عن أثر الشكوى، فإذا لم تكن على سبيل التسخط، وعدم الرضا بالمقدور فلا تبطل العمل ولا تتعارض مع الصبر، على أن الصبر وعدم الشكوى أولى، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:28045، ونعنى الشكوى بغير غيبة، أما إذا كانت بالغيبة فلا تجوز كما سبق.
وأفضل وسيلة لاحتمال هذا الأذى هي تقوى الله عز وجل والاستعانة به، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، والتعوذات من شر كل ذي شر، ومعاملتهم بالتي هي أحسن كما قال تعالى:ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت: 34-35 }.
وننبه الأخت بأن تتودد إلى زوجها، ويتأكد ذلك حين ترى منه جفوة، وذلك لعظم حقه عليها، وهي تستطيع بهذا التودد أن تؤثر عليه وتكسبه إلى صفها.
وكفارة ما حصل منك من غيبة وغيرها من الذنوب هي بالتوبة إلى الله عز وجل، واستحلال من اغتبتِهم، وطلب سماحهم، فإن خشيت أن يوغر ذلك صدروهم عليك، ويزيد أذاهم لك، فلا تخبريهم، واستغفري لهم، واذكريهم بخير في المجلس الذي ذكرتِهم فيه بسوء ، وتراجع الفتوى رقم : 54116
والله أعلم.