السؤال
فضيلة الشيخ جزيتم عنا والإسلام خير الجزاء.ففى السؤال رقم 45775 قد أوضحت للسائل أن يده وهى مبلولة إذا مست شيئا نجسا نجاسته جافة فلا ينجس.
وأريد من فضيلتكم إضافة بسيطة لو أنى كنت خارج المسجد وحدث نفس ذلك ووضعت يدى بعد ملاقاة الشيء الذى لمسته هل تنجس ملابسي؟ وهل وجب علي غسل يدى لأن عندي نفس المشكلة، ولكن ليست سلس بول ولكن هي أنى لمست أشياء كثيرة أتعامل معها بصفة يومية، مثل الكمبيوتر وأبواب الشقة وغير ذلك فتعبت حقا وأرهقت غاية إرهاق، خاصة وأن شيخا أفتاني أنه إذا حدث ذلك تنجست، وفضيلتكم قلت إن المسالة فيها خلاف، فهل لي أن آخذ بأيسر الأمور لأني لو أخذت بحكمه تعبت كثيرًا؛ لأن هناك أشياء كثيرة جدًا قد لاقت مني النجاسة ولكني الآن أحتاط - والحمد لله - فوالله يا فضيلة الشيخ أريد أن أتعامل مع الأشياء بدون أن أفكر، أريد أن أعيش حياة طيبة، تعبت من التفكير فيما سبق، أرجوك أفدني وأرجو من سعة كرمكم ألا تحيلوني على فتوى أخرى وأن تعطوني الإجابة بمزيد من التفسير وأرجوكم قبل رمضان.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولاً أن ننبهك إلى أن المسلم لا يجوز له أن يستسلم للوساوس، وأن الوسواس من كيد الشيطان يريد به أن يصرف الصالحين عن عبادتهم، ويقطعهم عما يقربهم من ربهم، ويكدر عليهم عيشهم. وإذا استسلم الشخص للوساوس ولم يقطعها فقد تجره إلى ما لا تحمد عقباه.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فاعلم أن أي عضو لامس نجاسة مبلولة فإنه يتنجس، والذي يلاقيه قبل يبسه يتنجس أيضًا.
وأما إذا يبس المحل المتنجس أو زالت عين النجاسة منه بغير الماء الطهور، فحكم النجاسة يبقى فيه، ولكن حكم النجاسة أمر مقدر لا ينتقل إلى غيره بالملامسة اتفاقًا إذا كان الملامس له جسمًا يابسًا، وعلى خلاف إن كان ملاقيه جسمًا مبتلاً.
قال الحطاب: إذا أزيلت النجاسة بغير الماء المطلق إما بماء مضاف أو بشيء قلاع غير الماء كالخل ونحوه وقلنا إن ذلك لا يطهر محل النجاسة وإنه محكوم عليه بها، ولا تجوز الصلاة به ثم لاقى ذلك المحل وهو مبلول شيئًا، أو لاقاه شيء مبلول بعد أن جف، أو في حال بلله فهل يتنجس ما لاقاه، أو لا يتنجس؟ قولان ...
وقال العدوي: تنبيه: إذا لبس ثوبًا متنجسًا وعرق في ذلك الثوب، فإن كان يتحلل شيء من النجاسة ويلتصق بالجسد الذي حصل فيه العرق، فيجب غسل النجاسة المتحللة، وأما إن لم يتحلل شيء ولم يظهر أثر في الجسد فلا يجب غسل، كما لو كانت النجاسة بولاً... لأنه لا يمكن تحلل شيء منه في هذه الحالة ذكره بعض.
وفي مجمع الأنهر على الفقه الحنفي: ... لو وضع الثوب حال كونه رطبًا على مطيَّن بطين نجس جاف - بتشديد الفاء من جف - لأن الجفاف يجذب رطوبة الثوب فلا يتنجس، وأما إذا كان رطبًا فيتنجس.
وعند الشافعية والحنابلة يتنجس الرطب الطاهر بملاقاته لمتنجس جاف. ولك أن تراجع في كل ذلك فتوانا رقم: 62420.
وعليه.. فإذا تنجس شيء من بدنك ببول أو غيره من النجاسات فواجبك أن تغسله، ولا يجوز لك الصلاة قبل غسله. وإذا لامس بدنك أو ثوبك محلا متنجسًا يابسًا، فإن كان الملامس يابسًا أيضًا فلا شيء عليك، وإن كان مبتلاً فقد علمت ما فيه من الخلاف.
ولا شك في أن الأخذ بالأحوط هو الموافق للورع، ولكن ما ذكرته من المشقة والإرهاق يجلبان لك التيسير، وبالتالي فلو أخذت بالقول الأخف لم يكن عليك فيه حرج.
والله أعلم.