السؤال
سؤالي يتمحور حول الشخصية المسلمة, من المعلوم أن الإنسان المسلم عليه أن لا يخشى إلا خالقه وأن لا يجادله في خلقه، أنا شخص ولدت في فلسطين لدي عائلة أحوالها المادية جيدة, فسؤالي هو: لماذا عندما أرى يهودياً أو شيئا مخيفا أشعر بالخوف منه, أما عندما آتي وأحث نفسي على البكاء من خشية الله لا تصغي إلي, ومن ناحية أخرى عندما أذكر شيئا عن الإسلام تبدأ نفسي بمجادلة موضوع الحديث, فأحاول التغلب عليها ولكن لا أستطيع, فما موقف الإسلام مني, وما هي الوسائل التي يجب اتباعها للتغلب على مثل هذه المخاوف وهذه الوساوس.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن مما يعين العبد على عدم خشية المخلوقات استشعاره أن المخلوق لا يملك ضراً ولا نفعاً، ولا حول له ولا قوة، ولا يستطيع أن يضر بشيء إلا إذا كان مكتوباً ومقدراً في الأزل، وأن كل شيء بقدر، فقد قال الله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ {القمر:49}، وقال تعالى: قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا {التوبة:51}، وفي الحديث: واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف. رواه الترمذي وصححه الألباني.
وقد حضنا الله على خشيته وعدم الخوف من غيره، فقال: فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ {المائدة:44}، وقال تعالى: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {آل عمران:175}، وقال تعالى: أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ {التوبة:13}.
ومما يعين على خشية الله تعالى والبكاء من خشيته استحضار فضائل الخشية وكثرة التأمل في حديث الوحي عن مصارع الغابرين الهالكين من الأمم وما حل بهم من عذاب الله بسبب ذنوبهم، والنظر بتدبر في حديث الوحي عن الوعيد المستقبل في الآخرة وفي عذاب القبر، والتأمل في تعذيب أهل النار وأسباب ذلك، وهذا موجود في القرآن وكتب الحديث التي تتحدث عن الترغيب والترهيب، كالترغيب والترهيب للمنذري، والمتجر الرابح للدمياطي، ورياض الصالحين للنووي.
واعلم أن الخوف الطبيعي من عدو يحتمل تعرضه لك بأذى لا حرج فيه، ولكن كمال التوكل على الله وعدم الخوف من غيره من أمارات كمال الإيمان ومثل ذلك خشية الله تعالى والتأثر من كلامه ووعده ووعيده، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10800، 17411، 25072، 10262، 26309، 33328، 38060.
والله أعلم.