السؤال
ما حكم استعمال مانع الحمل (اللولب)؟ وهل اختلف فيه العلماء؟ أفيدونا -أثابكم الله-.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز استعمال مانع الحمل -كاللولب، والحبوب- بغرض قطع النسل قطعًا كليًّا، إلا لضرورة محققة، ككون المرأة لا تلد ولادة عادية، أو يلحقها بسبب الحمل كلفة، يشق احتمالها.
والذي يستباح في مثل هذه الحال، هو الأخذ بأسهل الأسباب، وأقلها ضررًا، ويراعى في ذلك الأثر الصحي، وكون استعماله لا يقتضي الاطلاع على العورة.
فالعزل، وتنظيم اللقاء الجنسي، أسلمها، ثم استعمال الحبوب المانعة.
ولا يصار إلى اللولب مع وجود غيره؛ لأن الاطلاع على العورة محرم، ووجود بديل عنه، يجعل المصير إليه محرمًا؛ حتى مع وجود الحاجة المعتبرة إلى الامتناع عن الحمل.
وأما منع النسل مطلقًا؛ بحجة الاكتفاء بعدد معين من الأولاد، والتفرغ لتربيتهم، أو بسبب كثرتهم، أو نحو ذلك من الأسباب، فلا يجوز.
ولا بأس بتأخير الحمل فترة ثلاث سنوات، أو نحوها بين كل حمل وآخر؛ للتفرغ لحضانة الطفل السابق، وقد صدر عن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، وعن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، قرار مفصل في هذه المسألة، رأينا من الفائدة ذكره هنا:
أولًا: فتوى اللجنة الدائمة: ففي الدورة الثامنة لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة في النصف الأول من شهر ربيع الآخر عام 1396هـ، بحث المجلس موضوع منع الحمل، وتحديد النسل وتنظيمه، بناء على ما تقرر في الدورة السابعة للمجلس، المنعقد في النصف الأول من شهر شعبان عام 1395هـ، من إدراج موضوعها في جدول أعمال الدورة الثامنة، وقد اطلع المجلس على البحث المعد في ذلك من قبل اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء، وبعد تداول الرأي، والمناقشة بين الأعضاء، والاستماع إلى وجهات النظر، قرر المجلس ما يلي:
(نظرًا إلى أن الشريعة الإسلامية ترغب في انتشار النسل، وتكثيره، وتعتبر النسل نعمة كبرى، ومنَّة عظيمة، منَّ الله بها على عباده، فقد تضافرت بذلك النصوص الشرعية من كتاب الله، وسنة رسوله، مما أوردته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في بحثها المعد للهيئة، والمقدم لها.
ونظرًا إلى أن القول بتحديد النسل، أو منع الحمل، مصادم للفطرة الإنسانية، التي فطر الله الخلق عليها، وللشريعة الإسلامية، التي ارتضاها الرب تعالى لعباده.
ونظرًا إلى أن دعاة القول بتحديد النسل، أو منع الحمل، فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين بصفة عامة، وللأمة العربية المسلمة بصفة خاصة؛ حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد، واستعمار أهلها.
وحيث إن في الأخذ بذلك، ضربًا من أعمال الجاهلية، وسوء ظن بالله تعالى، وإضعافًا للكيان الإسلامي، المتكون من كثرة اللبنات البشرية، وترابطها؛ لذلك كله؛ فإن المجلس يقرر:
بأنه لا يجوز تحديد النسل مطلقًا، ولا يجوز منع الحمل، إذا كان القصد من ذلك خشية الإملاق؛ لأن الله تعالى هو الرزاق ذو القوة المتين، "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها".
أما إذا كان منع الحمل لضرورة محققة، ككون المرأة لا تلد ولادة عادية، وتضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الولد، أو كان تأخيره لفترة ما؛ لمصلحة يراها الزوجان، فإنه لا مانع حينئذ من منع الحمل، أو تأخيره؛ عملًا بما جاء في الأحاديث الصحيحة، وما روى عن جمع من الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ من جواز العزل، وتمشيًا مع ما صرح به الفقهاء من جواز شرب الدواء؛ لإلقاء النطفة قبل الأربعين.
بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرورة المحققة، وقد توقف فضيلة الشيخ عبد الله بن غديان في حكم الاستثناء، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
ثانيًا: قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في الحكم الشرعي في تحديد النسل: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله، وصحبه:
فقد نظر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في موضوع تحديد النسل، أو ما يسمى تضليلًا بـ (تنظيم النسل)، وبعد المناقشة، وتبادل الآراء في ذلك، قرر المجلس بالإجماع ما يلي:
نظرًا إلى أن الشريعة الإسلامية، تحض على تكثير نسل المسلمين، وانتشاره، وتعتبر النسل نعمة كبرى، ومنة عظيمة، منَّ الله بها على عباده، وقد تضافرت بذلك النصوص الشرعية من كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ودلت على أن القول بتحديد النسل، أو منع الحمل، مصادم للفطرة الإنسانية، التي فطر الله الناس عليها، وللشريعة الإسلامية، التي ارتضاها الله تعالى لعباده.
ونظرًا إلى أن دعاة القول بتحديد النسل، أو منع الحمل، فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين؛ لتقليل عددهم بصفة عامة، وللأمة العربية المسلمة، والشعوب المستضعفة بصفة خاصة؛ حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد، واستعباد أهلها، والتمتع بثروات البلاد الإسلامية.
وحيث إن في الأخذ بذلك ضربًا من أعمال الجاهلية، وسوء ظن بالله تعالى، وإضعافًا للكيان الإسلامي، المتكون من كثرة اللبنات البشرية، وترابطها؛ لذلك كله فإن المجمع الفقهي الإسلامي يقرر بالإجماع:
أنه لا يجوز تحديد النسل مطلقًا.
ولا يجوز منع الحمل، إذا كان القصد من ذلك خشية الإملاق؛ لأن الله تعالى هو الرزاق ذو القوة المتين، "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها"، أو كان ذلك لأسباب أخرى غير معتبرة شرعًا.
أما تعاطي أسباب منع الحمل، أو تأخيره في حالات فردية؛ لضرر محقق؛ لكون المرأة لا تلد ولادة عادية، وتضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الجنين، فإنه لا مانع من ذلك شرعًا، وهكذا إذا كان تأخيره لأسباب أخرى شرعية، أو صحية يقرها طبيب مسلم ثقة.
بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرر المحقق على أُمّه، إذا كان يخشى على حياتها منه، بتقرير من يوثق به من الأطباء المسلمين.
أما الدعوة إلى تحديد النسل، أو منع الحمل بصفة عامة، فلا تجوز شرعًا؛ للأسباب المتقدم ذكرها.
وأشد من ذلك في الإثم والمنع، إلزام الشعوب بذلك، وفرضه عليها، في الوقت الذي تنفق فيه الأموال الضخمة على سباق التسلح العالمي للسيطرة، والتدمير، بدلًا من إنفاقه في التنمية الاقتصادية، والتعمير، وحاجات الشعوب.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني