السؤال
إذا لم أقتنع بأمر من أوامر الله ولكني أنفذه على أي حال فهل أكون عاصيا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كنت تقصد بعدم اقتناعك بأمر من أمور الشرع عدم إدراك الحكمة منها مع التسليم والانقياد والامتثال فلا تعتبر عاصيا بذلك، واعلم أن بعض أوامر الشرع ونواهيه قد لا تظهر الحكمة فيه لكثير من الناس، وفي ذلك تتجلى حكمة الابتلاء والاختبار وهو ما يسميه الفقهاء بالعلة التعبدية.
وليس في الشريعة حكم إلا وله حكمة يعلمها من يعلمها، ويجهلها من يجهلها. ولكن قد يكون التعبد بما أمر الله من غير إدراك أوجه الحكمة فيه على التفصيل مقصودا في الشرع؛ لما فيه من زيادة الإيمان والتسليم لله تعالى، وقبول ما يعجز العقل عن إدراكه لأنه جاء من عند الله.
والعبد كما أنه يحتاج إلى إدراك أسرار التشريع ليزداد يقيناً بحكمة الشرع وعظمة هذا الدين فإنه محتاج إلى التسليم بما يعجز عن إدراكه ليختبر صدق إيمانه وصحة استسلامه لله عز وجل باعتباره عبداً ضعيفاً عاجزاً عن إدراك الكل، وهذا فرق مابين العابد والمكابر.
وأما إن كنت تقصد أن سبب عدم اقتناعك بذلك الأمر هو كونه خالياً من الحكمة أصلا أو عديم الفائدة فقد أعظمت القول، وظننت بالله ظن السوء، ولتبادر بالتوبة وقد قال تعالى: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ {صّ:27} . وقال تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً{النساء:65}. فالواجب على المؤمن الرشيد العاقل أن يتلقى أحكام ربه بالقبول والانقياد والتسليم، فإنه سبحانه ما قدرها سدى ولا شرعها عبثاً.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني