السؤال
نرجو إفادتنا بمن يترك صلاة الجماعة خلف إمام بعينه، بدعوى أنه يطيل في الصلاة. فالمعني يحضر إلى المسجد وينتظر لإقامة الصلاة، فإذا تقدم هذا الإمام ، خرج هو، وقد يتبعه بعض النفر.نرجو إفادتنا في حكم مثل هذه الصلاة، أفادكم الله، وشكرا لكم، وجزاكم خيرا عنا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن على كل من صلى بالناس أن يخفف في صلاته مراعاة لأحوال المصلين، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا أم أحدكم الناس فليخفف، فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض. رواه مسلم. قال النووي: والمعنى ظاهر، وهو الأمر للإمام بتخفيف الصلاة، بحيث لا يخل بسننها ومقاصدها، وأنه إذا صلى لنفسه طول كيف شاء. انتهى. فإذا كان الإمام المذكور كما يدعي الشخص المتضرر يطيل في صلاته طولا يتضرر الناس بمثله فيمكن أن يطلب منه أولاً برفق وحكمة أن يخفف ويبين له ما ورد في التخفيف، فإن استجاب فلا يجوز لأحد أن يخرج بعد الإقامة إلا بعذر.
قال في الفواكه الدواني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني: ويحرم الخروج من المسجد بعد الإقامة للمتطهر، إلا أن يكون قد صلى تلك الصلاة. انتهى، فإن لم يستجب الإمام لطلب التخفيف فعند ذلك جاز للشخص المذكور أن يخرج من المسجد ويصلي في جماعة أخرى إن وجدت، وإلا صلى وحده وصلاته صحيحة، والدليل على ذلك قصة معاذ بن جبل عند ما سلم رجل من خلفه لما أطال معاذ، وقال صلى الله عليه وسلم: أفتان أنت يا معاذ؟ والقصة في الصحيح، ولم ينكر صلى الله عليه وسلم إلا على معاذ، وإذا جاز الخروج من الاقتداء أثناء الصلاة من أجل تطويل الإمام فمن باب أولى جواز الخروج قبلها لنفس العذر.
لكن من الأفضل لهذا الرجل أن يصبر ويصلي مع جماعة مسجده ولو صلى الإمام الذي يطول، حفاظا على الجماعة وائتلافها، وتفاديا للتفرقة والخلاف، وقد قال صلى الله عليه وسلم: يد الله مع الجماعة. رواه الترمذي عن ابن عباس، ومراعاة أيضا لمشاعر الإمام، لأنه يتضرر بخروج الناس عنه في ذلك الوقت، ولذلك منع بعض أهل العلم من الصلاة جماعة في مسجد الإمام الراتب بعد أن صلى هو بجماعته فيه.
والله أعلم.