السؤال
أنا رجل مسلم من بلد عربي تزوجت مسلمة _ أم كريم_ من نفس البلد ومعها ولدان من زواج سابق ، رزقنا الله بنتاً _ أم الزبير_ تبلغ من العمر الآن ثلاث سنوات وأربعة أشهر تقدمنا بطلب الطلاق للسلطات السويسرية _ بلد إقامتنا .... طلب الطلاق كان باتفاق تام ورضا مسبق ، البنود الرئيسية أربعة تتعلق بابنتنا وهي :1) حضانة للأم ثم تنتقل للأب بعد بلوغ أم الزبير 12 سنة2) السلطة الأبوية مشتركة( يعني اتخاذ أي قرار يتعلق بابنتنا من سفر _ تعليم _ رحلة يجب أن يكون مشتركاً 3) يتعلق بتنظيم الزيارة الأسبوعية والسنوية حيث تقضي ابنتي معي شهراً كاملاً 4) يتعلق بالنفقة الشهرية لرعاية أم الزبير.
ملحوظة مهمة : في الجلسة الأخيرة تراجعت أم كريم عن البند الأول وطالبت بحضانة كاملة .
الأسئلة :(1) ما الحكم الشرعي في تراجع أم كريم عن البند الأول؟ علماً بأنني راجعتها في الموضوع وطالبتها بالحضانة بالتناوب كحل وسط( هذا الحل متعارف عليه في القانون السويسري ومعمول به) فرفضت كل الرفض وبدون تقديم أي مبرر.(2) البند الثاني لم تلتزم به ولم تكترث بل ضربت به عرض الحائط تماماً بل سعت سعياً عملياً بتقليص دوري كأب في حدود مشاهدة ابنتي وتدفيعي النفقة الشهرية فلا هي تطلعني على البيت الذي تدعها فيه لما تذهب للشغل ولا تتركها عندي عند سفرها : فلقد سافرت إلى بلدها لحضور حفل زواج وتركت ابنتي مع عجوز( لا رحم لنا بها) وإخوانها (15سنة و11سنة) واتخذت كل الإجراءات لإخفاء الموضوع عني . ما الحكم الشرعي في هذا السلوك؟(3) هل أنا ملزمٌ شرعاً بدفع النفقة لأم كريم لرعاية ابنتي خلال الشهر الذي تقضيه معي ؟ إذا كان الجواب النفي فبم تنصحونني إذا أبت أم كريم إلا مطالبتي بذلك أو أخذته عن طريق جمعية حكومية التي تسدد لها المبلغ وتتابعني قضائياً؟(4) أرجو منكم التفصيل عن كل جواب وجزاكم الله خيراً
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه لا يجوز للمسلمين أن يتحاكمو إلى المحاكم الوضعية في عامة شؤونهم إلا إذا كان ذلك لغرض التوثيق فقط لتعذر وجود الجهة المسلمة التي تقوم بتوثيق الأمور الاجتماعية كما هو مبين في الفتوى رقم: 26057، أما عن حضانة البنت فإن الأم أحق بها شرعا مادامت لم تبلغ سبع سنين، وبعد مجاوزتها لهذه السن اختلف العلماء في أي الوالدين أحق بحضانتها في حال افتراقهما، قال ابن قدامة في المغني: عند قول الخرقي: وإذا بلغت الجارية سبع سنين فالأب أحق بها، قال: وقال الشافعي: تخير كالغلام لأن كل سن خير فيه الغلام خيرت فيه الجارية، وقال أبو حنيفة: الأم أحق بها حتى تتزوج أو تحيض، وقال مالك الأم أحق بها حتى تتزوج ويدخل بها الزوج. انتهى
وحيث اتفقت أنت وأم ابنتك على البنود المذكورة فإنه يجب على كل واحد منكما الوفاء بهذا الاتفاق واحترامه، ولا يحق له الرجوع عن شيء منه غير مخل شرعا بحق أي أحد، ولذا فإنا ننصح الأخت الكريمة بأن لا تنكث العهد وتنقض الميثاق الذي وافقت عليه؛ لأن المسلم مطالب بالوفاء بالعهد وبما التزم به من العقود المباحة، فإن أصرت على الرجوع عن الاتفاق أو بعضه فإن لك الحق في أن تستدعيها إلى الجهة التي وقع الاتفاق عندها لتردها إلى صوابها، ويجب عليها أن تتقي الله تعالى في والد ابنتها فلا تمنعه حقه من زيارة ابنته، ولا تمنعه من القيام بما يجب في مصالح ابنته من تعليم وغيره، ولامن بقائها معه في حال غيبتها فإن له الحق في ذلك كله ولو كانت في حضانتها هي، قال في المغني ولا يمنع أحدهما من زيارتها عند الآخر من غير أن يخلو الزوج بها، يعني الزوجة المطلقة ولا يطيل ولا يتبسط لأن الفرقة تمنع تبسط أحدهما في منزل الآخر، وإن مرضت فالأم أحق بتمريضها في بيتها، ثم قال: صاحب المغني أيضا وإذا أراد أحد الأبوين السفر لحاجة ثم يعود والآخر مقيم فالمقيم أولى بالحضانة.أهـ
وما اتفقتما عليه من دفع النفقة شهريا لأم كريم إذا كان عن نفقة أم الزبير الواجبة عليك فلا يلزمك دفعه في الشهر الذي تقيم عندك أم الزبير لأن المقصود منه الإنفاق عليها والقيام بشؤونها وهذا حاصل منك لها فترة مقامها عندك فلا داعي إلى دفع نفقتها لأمها في تلك الفترة، فالنفقة الواجبة للمحضون لا للحاضن، هذا هو الأصل؛ لكن إذا كان هناك اتفاق يخالف هذا ويلزمك أنت بتسليم النفقة لأم الزبير أو كانت القوانين في بلدكم تلزم بذلك فننصحك أن تدفع المبلغ المذكور إذا كان بإمكانك حسما للخلاف مع أم ابنتك مع أنه لا يلزمك دفعه، ولا سيما في ظل الحكم الذي لا ينصفك، إذ لا فائدة من امتناعك من دفعه وبعد ذلك يوخذ منك قهرا، وعلى الأخت المذكورة أن تتقي الله ولا تستغل وجود هذه المحاكم الجائرة وتجعل من ذلك وسيلة ضغط لأخذ ما لا يحل لها شرعا، وبإمكانك أن تذهب إلى بلد يمكن أن يرفع عنك الظلم فيه.
والله أعلم.