السؤال
ما رأي الشرع في رجل يسكن في طابق وأمه في طابق آخر، يترك زوجته وحدها، وينزل عند أمه يسامرها ويتبادلان أطراف الحديث حتى يحين موعد النوم، فيصعد وينام حتى اليوم التالي، إلا إذا احتاجها في أمر، فإنه يناله منها، وهكذا، وإذا طلبت منه الذهاب لأهلها يمنعها ويرفض ويتحجج بألف حجة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حرص الرجل على برِّ أمه وإيناسها وإدخال السرور عليها وتفقد أحوالها أمر طيب، نسأل الله تعالى أن يكسبه رضاها، ولكن لا ينبغي أن يغفل عن كونه مأمورًا شرعاً بأن يحسن عشرة زوجته، وأن يتأسى بالنبي القدوة صلى الله عليه وسلم في حسن تعامله مع أهله، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 134877.
وإذا رأت المرأة من زوجها تقصيرًا في حقها، فليكن بينها وبينه تفاهم، وبذل النصح له في ضوء ما ذكرنا، وأن يعملا معًا على ما يحول دون دخول الشيطان بينهما، فقد جاءت نصوص الكتاب والسنة مبينة شدة عداوته للإنسان، وخاصة الزوجين وحرصه على إيقاع الفتنة بينهما وافتراقهما، قال الله تعالى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ {فاطر: 6}، وروى مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئًا، قال ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته -قال- فيدنيه منه ويقول: نعم أنت.
ومن حسن عشرة الرجل لزوجته أن يسمح لها بزيارة أهلها ما أمكن، فإنه بذلك يعينها على صلة رحمها، وتقوى به المودة، وتحسن العشرة. ولتفاصيل ذلك تراجع الفتوى: 110919.
والله أعلم.