السؤال
كنت حاملا، ونزل مني دم؛ فأوصتني الدكتورة بالراحة التامة؛ لئلا يحدث إجهاض. فكنت أرقد معظم وقتي؛ لأن أمي أوصتني بالرقاد على ظهري؛ لأنها قد حدث لها في حملها نفس ما حدث لي، وقالت لي: كنت أرقد وأصلي وأنا راقدة.
صليت وأنا راقدة، وبحثت عن كيفية الصلاة وأنا راقدة، فأسأت الفهم بأني يمكنني الصلاة على جنب، أو على ظهري.
فأحيانا أصلي على جنب، وأحيانا على ظهري.
ولكن بعد ذلك علمت بأنني طالما أقدر على أن أصلي على جنب، فلا يجوز لي الصلاة على ظهري؟
فما حكم الصلوات التي صليتها على ظهري؟
وهل الصلاة وأنا راقدة من الأساس كانت صحيحة؟ بمعنى هل خطر الإجهاض يبيح لي الصلاة وأنا راقدة؟ علما بأني كنت أستطيع الوقوف والجلوس؟
وإن كان يجب علي الإعادة. كيف أعيد لأني لا أتذكر كم عدد الصلوات؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان قد علم بالتجربة، أو خبر الطبيبة الثقة أنه يغلب على الظن إسقاط الجنين إذا صليت قائمة أو قاعدة. فصلاتك والحال هذه راقدة لا حرج عليك فيها.
وصفة الصلاة من رقود: أن تضطجعي على أحد جنبيك، والأيمن أولى مستقبلة بوجهك القبلة. وتومئين بالركوع والسجود، وهذا هو الأولى.
ويجوز أن تستلقي على ظهرك، ورجلاك إلى القبلة، ومعتمد مذهب الحنابلة أن هذه الصفة الثانية جائزة، ولكنها مكروهة للخلاف في صحتها.
قال البهوتي في شرح الإقناع، مبينا صفة صلاة الراقد: فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا صَلَّى عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ صَلَّى مُسْتَلْقِيًا رِجْلَاهُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ. فَإِنْ صَلَّى عَلَى الْأَيْسَرِ، فَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ جَوَازُهُ؛ لِظَاهِرِ خَبَرِ عِمْرَانَ. وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَهُوَ حَاصِلٌ. وَقَالَ الْآمِدِيُّ: يُكْرَهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْأَيْمَنِ.
(وَيَصِحُّ) أَنْ يُصَلِّي (عَلَى ظَهْرِهِ وَرِجْلَاهُ إلَى الْقِبْلَةَ مَعَ الْقُدْرَةِ) عَلَى الصَّلَاةِ (عَلَى جَنْبِهِ)؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ اسْتِقْبَالٍ، وَلِهَذَا يُوَجَّهُ الْمَيِّتُ كَذَلِكَ عِنْدَ الْمَوْتِ (مَعَ الْكَرَاهَةِ) لِلِاخْتِلَافِ، فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ إذَنْ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى جَنْبِهِ (تَعَيَّنَ الظَّهْرُ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ. (وَيَلْزَمُهُ الْإِيمَاءُ بِرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ بِرَأْسِهِ مَا أَمْكَنَهُ) لِحَدِيثِ: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» (وَيَكُونُ سُجُودُهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ) وُجُوبًا؛ لِحَدِيثِ عَلِيٍّ، وَتَقَدَّمَ. وَلِيَتَمَيَّزَ أَحَدُهُمَا عَن الْآخَرِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَن الْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ لِرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ (أَوْمَأَ بِطَرْفِهِ) أَيْ عَيْنِهِ (وَنَوَى بِقَلْبِهِ). انتهى.
وعليه؛ فصلاتك على ظهرك صحيحة -إن شاء الله- لا يلزمك إعادة شيء منها.
ولو قدر أنك صليت على صفة لا تجوز جاهلة بالحكم، ففي لزوم الإعادة لك قولان، بيناهما في الفتوى: 125226.
وأحوط القولين هو أن تقضي، وإنما يكون القضاء بالتحري وغلبة الظن. على ما هو مبين في الفتوى: 70806.
والله أعلم.